لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

العودة من السعودية بجيوب فارغة: العمال المسرّحون يستنجدون

في 31 أغسطس 2016

يعاني آلاف العمال الهنود المهاجرين من العوز الشديد في المملكة العربية السعودية، ويواجهون نقصاً حاداً بالمواد الغذائية. وفي ظل ظروفٍ ينطبق عليها وصف "الأزمة الإنسانية" يعمل ما لا يقل عن 10 آلاف عامل هندي في شركة "سعودي أوجيه". حيث ينشط بمجال الإغاثة في مدينة الرياض الناشط الهندي لاثيف ثيتشي مع عدد من أصدقائه، مستعينين بمجموعات "الواتس أب" لتنسيق حملات جمع المعونات الغذائية ومتابعة حالات الاحتياج.

وكان وزير خارجية الهند، سوشما سواراج، قد ناشد أبناء الجالية الهندية البالغ عددهم 3 مليون في السعودية لمساعدة العمال المفصولين من العمل دون تلقي أي أجر نتيجة إغلاق أرباب العمل لمنشآتهم.

فقد عدد كبير من الهنود وظائفهم في المملكة العربية السعودية والكويت دون أن يتلقوا أجورهم إثر إغلاق أرباب العمل منشآتهم.

— Sushma Swaraj (@SushmaSwaraj) July 30, 2016

يزيد عدد العمال الهنود الذين يعانون من أزمة غذائية في السعودية عن العشرة آلاف، وليس 800 فقط كما ذُكرت صحيفة جاغران نيوز @JagranNews.

— Sushma Swaraj (@SushmaSwaraj) July 30, 2016

على الرغم من تأكيدات المسؤولين في السعودية وثقتهم بالتغلب على أزمة هبوط أسعار النفط بوجود احتياطي العملات الأجنبية البالغ 750 مليار دولار، إلا أن القطاع الخاص لا يعكس مثل هذه الثقة. فقد شهدت المملكة في الأشهر الأخيرة الماضية اضطرابات عمالية متتالية، كان السبب الأبرز فيها عدم استلام العمال لرواتبهم. وفي وقت مبكر من هذا العام تم تداول مقاطع مصوَّرة عبر المواقع الالكترونية تُظهر عمال مجموعة بن لادن يضرمون النار في حافلة ركاب عامة، إضافة لنشر تقارير عديدة عن حوادث مماثلة.

كان لهبوط أسعار النفط الفجائي أثر كبير على أضخم شركات المقاولة والإنشاءات في السعودية مثل مجموعة بن لادن، وعانى بالتالي عمال البناء المهاجرين من وطأة انخفاض نشاط القطاع.

ففي وقت مبكر من هذا العام، سرَّحت مجموعة بن لادن 50 ألفاً من عمالها الآسيويين الذين يعمل معظمهم في مواقع البناء. وسددت الشركة أجورهم المستحقة قبل صرفهم من العمل.

ويُذكر أن مدخول المملكة قد انخفض بما يزيد عن 88 مليار دولار، بسبب الهبوط الحاد في أسعار النفط، وفقاً لما ورد في النشرة الاقتصادية.

 

"لا أملك حتى الإقامة (بطاقة العمل)!
وإذا خرجت من مكاني سيقبضون عليَّ ويلقونني خلف القضبان".

 

قبل فترة وجيزة، خرج مئات العاملين في شركة سعودي أوجيه إلى الشوارع، مطالبين برواتبهم المستحقة منذ سبعة أشهر.

وحسب ما أخبرنا ديباك كومار، العامل الهندي المسرَّح من شركة سعودي أوجيه: "لا يتعلق الأمر بالرواتب فقط، فقد توقفت الشركة عن تزويدنا بالطعام في الأسبوع الأخير، فبتنا نتضور من الجوع. ويرزح آلاف من العمال الهنود تحت وطأة نفس الظروف في معسكرات أخرى تتبع للشركة".

وقال لنا عامل آخر "لا أملك إقامة (بطاقة عمل). إذا خرجت من مكاني سيقبضون عليّ ويزج بي وراء القضبان لمدة يومين أو ثلاثة. إننا نعاني كثيراً من عدم تزويدنا بالمؤن الغذائية. وفي بعض الأحيان، تأتي للقائنا وفود رسمية من المفوضية الهندية، وتعِدنا بالمساعدة، ثم تختفي دون أن يتحقق شيء! تتخلى عنا سفارة بلدنا، على النقيض من السفارتين الباكستانية والفليبينية، اللتين تقدمان الكثير لعمالها".

 

 

أوفد سواراج وزيرَي الدولة، م.ج أكبر والجنرال المتقاعد ف.ك سينغ، إلى السعودية والكويت للتباحث مع مسؤولي الدولتين وإيجاد حل لهذه المعضلة. وصرّح الوزير أكبر أثناء الزيارة لوسائل الإعلام موضحاً أن السلطات السعودية قد أكدت له بأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لإصدار تأشيرات خروج للعمال الهنود المتضررين.

وفيما لاقت هذه الخطوة الترحيب، رأى الكثير من العمال أن تسوية تعويضات إنهاء الخدمة ولا سيما رواتبهم المعلَّقة هي الخطوة الأكثر أهمية من إصدار تأشيرات الخروج بالنسبة لهم. إذ كتب ريشي أحد أعضاء مجموعة الواتسأب: "لا يمكننا تخيّل أن نعود إلى بلادنا صفر اليدين"!

وكذلك أرسل شاجي فاركيز، عامل مسرّح آخر، تغريدة يخاطب فيها الوزير م.ج أكبر: "سيدي، يعمل الكثير منا في هذه الشركة منذ أكثر من عشرين عاماً، هذه مدخرات حياتنا. الرجاء محاولة تحصيل أجور نهاية الخدمة لنا".

في هذه الأثناء ذكر العامل المسرح "بابو. ج" بأن الشركة باشرت بإجراءات ترحيل العمال إلى بلدانهم. وأضاف: "نصحتنا الشركة بملء الاستمارات والاحتفاظ بالإيصالات. من الواضح أن أولئك الذين يخططون للسفر بسرعة لن يتلقوا تعويضات نهاية الخدمة".

وتبعاً لعدم تجديد عقود معظم العمال باتوا يصارعون للحصول على الخدمات الطبية مع عجزهم عن شراء حتى شريحة هاتف محمول.

ويضيف بابو "كما أنه في حال وفاة أحدهم، من الصعب إرسال جثمانه إلى الوطن إذا كان يملك إقامة منتهية الصلاحية"، مردفاً بأن هذه الحالة أصبحت مدعاة للقلق.

في هذه الأثناء تم الضغط في الفيليبين على دائرة رعاية العمال في الخارج (OWWA) كي تتولى إعادة العمال الفيليبينيين المسرّحين في السعودية إثر الأزمة.

وكانت وزارة العمل والتوظيف الفيليبينية، ودائرة رعاية العمال في الخارج، قد حددتا في وقت سابق تسع شركات متعثرة في المملكة باعتبارها متسببة بوجود أكثر من 10 آلاف عامل فيليبيني مسرّح في الخارج. وفي الوقت نفسه، أوضحت دائرة التوظيف الخارجي بأنها لا تزال تنظر في شروط العمل بخمس شركات أخرى متضررة من الأزمة المالية في المملكة العربية السعودية.

كما ذكرت الدائرة من ناحية أخرى أنها أوقفت إرسال العمال الفيليبينيين للعمل في مجموعة شركات بن لادن السعودية، ومجموعة محمد المعجل، ومجموعة محمد حميد البرغش وإخوانه للتجارة والمقاولات. الأمر الذي أكده رئيس الدائرة هانز كاكداك بالقول "لقد قمنا بتعليق توظيف العمال لدى أربعة من الشركات المذكورة في تلك اللائحة، نخص بالذكر شركة سعودي أوجيه ومجموعات بن لادن السعودية، ومحمد المعجل، ومحمد البرغش".

وفي شهر مارس من هذا العام، قامت وزارة العمل السعودية ببعض الإجراءات للتغلب على هذه المخاوف. فقد توقفت الحكومة عن تقديم خدماتها لشركة سعودي أوجيه، بما فيها الضمان الاجتماعي والشؤون المتعلقة بجوازات السفر، إضافة إلى تشكيلها هيئة لمعالجة الأزمة.

إنما تبين، وكما ذكرت منظمتنا منذ فترة وجيزة، أن كل "الإصلاحات" التي طالت القوانين والأنظمة لم تعُد على العمال بنفع يُذكَر.

ففي نهاية المطاف، يعكس سيل القوانين والمراسيم وتطبيقها من قبل وزارة العمل ووزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية ترابط سياسات الهجرة مع السياسات الداخلية. حيث التأثير الكلي لهذه القوانين والمنظور الحكومي المصاحب لها، يعزز أكثر من أي وقت مضى تهميش العمال المهاجرين، وسحقهم في محيط اجتماعي لا يكنّ لهم سوى العداوة.