أصدر أمير الكويت قبل أسابيع قليلة عفواً عن العاملة فطومة نامبي، الأوغندية الأصل، التي كان قد صدر حكم قضائي بسجنها خمس سنوات في الكويت لإنجابها طفلة بدون زواج، بناء على توصيات لجنة العفو التي ترشّح عادة أسماء مرتكبي الجنايات الخفيفة ذوي السلوك الحسن للأمير كي يصادق عليها. وبعد إطلاق سراحها عادت فطومة إلى أوغندا مع طفلتها بعد أحد عشر شهراً قضتها في السجن.
عرض موقعنا ما جرى مع فطومة من أحداث في حينها، وهنا تُحدثنا عن ظروف عودتها إلى بلدها، لتخبرنا أن حياتها كانت قد تغيرت عندما ذهبت عائلة رب عملها إلى مكة من أجل أداء فروض العمرة، تاركة إياها للعناية بالمنزل المكون من ثلاثة طوابق وحدها. ثم بدأت التعرف على بعض الرجال الأوغنديين ممن يعملون في مجال الحراسة، وزيارة العازفين في المساءات من أجل التسلية وسماع بعض الأغاني الأوغندية، معتقدة أنها في مأمن لكونهما يتشاركان السكن في غرفة واحدة. لكن أحدهما غادر الغرفة أثناء زيارتها ذات مرة، وحصل الحمل ذلك اليوم. وعندما أخبرت الرجل المسؤول عن حملها نصحها بالعودة إلى أوغندا دون إثارة المشاكل. فطلبت من رب عملها المغادرة لأسباب طارئة دون أن تفشي سرها، وقابلها رب العمل بالرفض ومطالبتها بإتمام عامَي الخدمة حسب عقد العمل. وساءت، من الناحية الأخرى، علاقتها بوالد طفلتها إثر اعتباره أنها هي التي ترفض ترك عملها والعودة إلى أوغندا للولادة بأمان.
وفي إحدى الليالي، وبعد أن نام أهل البيت، أنجبت طفلتها بنفسها في غرفة نومها بعد أن تحملت إخفاء آلام ما قبل الولادة طيلة النهار. وفي الصباح التالي تابعت أداء مهامها اليومية دون تغيير إلا بمهمة إخفاء طفلتها، تقول فطومة: "لم يبق مكان لم أخبئها فيه، من خزانة الملابس إلى المطبخ والحمام وحتى غرفة نومي". لكن الطفلة بكت في اليوم التالي بصوت مرتفع جعل "المدام" سيدة المنزل تتساءل عن مصدر الصوت، مما أجبرها في تلك اللحظة على الاعتراف بإنجابها.
"كان همّ المدام الأول التأكد من أن والد الطفلة ليس أحد أفراد الأسرة، وأصرت على رؤية الرضيعة وهي تتساءل عمن يكون والدها، ولم يهدأ بالها إلا عندما رأت عينيها السوداوين" حسب ما قالته فطومة. وعلى الفور بدأت "المدام" بالاتصال بأصدقائها لسؤالهم عن طريقة مناسبة لمساعدة "الخادمة" وطفلتها، ونصحها الجميع بتسليمها للشرطة. حتى أنها عرضت على فطومة إلقاء الطفلة قرب أحد المساجد قبل الفجر بحيث تجده الشرطة وتتولى الحكومة رعايته، لكنها رفضت. وطيلة أربعة أيام تالية اشتركت المرأتان على إخفاء وجود الطفلة في المنزل عن بقية أفراد الأسرة. وحالما علم رب الأسرة بالأمر أصيب بالذعر وأخبر فطومة بضرورة أخذها إلى المستشفى، وهناك اتصلت إدارة المشفى بالشرطة وتم اعتقالها.
تقول فطومة أيضاً إن كل جلسات المحاكمة كانت باللغة العربية ولم يكن لديها تمثيل أو وكيل قانوني، فلم تستوعب شيئاً مما جرى في المحكمة. كانت تُحضَر بشكل متكرر للمثول أمام القاضي وتُصرف طيلة شهرين حتى صدر الحكم بسجنها. وقبل إصدار الحكم استخدم فريق الإدعاء بعض المفردات الإنكليزية ليطلب منها اسم والد الطفلة مقابل تخفيض مدة الحكم، ورفضت الإفصاح عنه.
وأثناء وجودها في السجن طلبت فطومة من عائلتها المبالغ المالية التي أرسلتها لهم للادخار في أوغندا من أجل توكيل محام لها. فعلمت أن شقيقها قد سرق كل أموالها. سرقة ذوي القربى أمر شائع لدى عاملات المنازل.
ضمت الزنزانة الجماعية التي أُودعت فيها فطومة نساءً أخريات مع أطفالهن أنجبن بدون زواج. كل منهن تقضي فترة حكم بخمس سنوات، بينما أودِعت في زنزانة أخرى الأمهات اللواتي أفصحن عن أسماء الآباء فحصلن على حكم مخفف بنصف المدة. واستذكرت في سياق اللقاء بعض الأمور الإيجابية من بينها أن التغذية جيدة، وأن الأولاد أمكنهم اللعب سوياً.