لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

مأساة عمال بنغلاديش العالقون بـ "فيزا حرة" في عُمان

في 30 أكتوبر 2016

لا يزال محمد حبيب عالقاً في عمان منذ عامين، بدون وثائق سارية الصلاحية، وفي الأشهر الأخيرة بات بلا عمل مناسب أو مأوى أو طعام. ولا يرى المهاجر البنغالي بصيص ضوء في نهاية النفق فيقول: "مع مرور كل يوم، يصبح البقاء بحد ذاته عثرة كبيرة فلا نقود أو غذاء أو دواء أو مأوى. زد على ذلك كله أنه ليس بحوزتي أي وثيقة قانونية مما يجعل إمكانية مغادرة عُمان أمراً صعباً، والغرامات المفروضة عليّ ستكون باهظة لأن مكوثي تجاوز المدة القانونية".

"أواصل حياتي حالياً بمساعدة الأموال التي يرسلها لي أقربائي من دكا، 20.000 تاكا مقابل 95 ريالاً عمانياً. يكفيني هذا المبلغ للبقاء لمدة شهرين ولكن إلى متى سأتمكن من الصمود على هذا المنوال؟ لقد أتيت هنا كي أجمع المال وأحوّله لأسرتي لكن ما يحدث الآن هو العكس تماماً"، يضيف محمد.

ليست حالة محمد استثناءً فالمئات من المهاجرين في عُمان، وتحديداً في العاصمة مسقط، يواجهون تجارب مشابهة، ومعظمهم من العمال أصحاب "التأشيرات الحرة" الذين يعملون لدى أي شخص يكلِّفهم بعمل، الأمر الذي يعد مخالفاً لقانون العمل العماني.

العمال العالقين خلال حديثهم مع موقعنا

العمال العالقون خلال حديثهم مع موقعنا

يجيء العديد من العمال، وتحديداً من بنغلاديش، إلى عمان بموجب ما يسمى بالـ "تأشيرة الحرة"، حيث يدفعون للكفيل رسوماً شهريةً بقيمة 20 ريالاً عمانياً على الأقل لكي يتمكنوا من العمل بشكل حر. ويتوجب عليهم أولاً أن يدفعوا، لأحد الوكلاء، 1200 ريال عماني (حوالي 3100 دولار) من أجل المجيء بهذه الطريقة (انظر أيضاً: الكفالة كتجارة والكفيل كوظيفة). وبما أن نظام "التأشيرة الحرة" لا يتمتع بالتنظيم القانوني أو الحماية، يكون العمال عرضة للاستغلال فأرباب العمل يعلمون جيداً أنه لن يتم التبليغ عنهم في حال عدم دفعهم الأجور أو تشغيل العمال في ظروف سيئة. مع أن بعض العمال يرى أن صيغة "التأشيرة الحرة" مجدية لأنها تمكّنهم من جمع أموال أكثر وحتى ضعف ما يمكنهم جنيه في حال عملهم لدى رب عمل واحد.

وتشير التقارير الصادرة مؤخراً عن وزارة القوى العاملة في عمان إلى القبض على قرابة عشرة آلاف عامل من أصحاب "التأشيرات الحرة" في مداهمات النصف الأول من هذا العام. تضيف الوزارة في تغريدة نشرت على حسابها الرسمي في "تويتر" إلى اعتقال 2700 عامل في شهري يوليو وأغسطس.

إلا أن الهبوط الاقتصادي وجه ضربة قاسية للعمال من أصحاب التأشيرات الحرة، فقد أصبح من الصعب إيجاد عمل يومي مع توقف الكثير من المشاريع. أما العمال فلا يستطيعون تسديد الرسوم الشهرية للكفيل مع عدم توفر الوظائف، مما يدفع الكفيل لتقديم بلاغ هروب ضدهم مما يزيد من خطورة وضعهم القانوني الهش أساساً.

 

تجدهم ينتظرون على قارعة الطريق يومياً من الخامسة حتى الحادية عشرة صباحاً على أمل أن يتم استدعاؤهم لعمل ما، غير أن فرص العمل أخذت بالتلاشي في الأشهر الأخيرة، مما يرغم العمال على العودة إلى أماكن سكنهم المكتظة لا ترافقهم سوى آلام الجوع.

"إنه وضع بغاية السوء، لا عمل على الإطلاق ولا أعرف كيف يمكنني أن أصمد"، يقول عبد الأحمد، عامل آخر من بنغلاديش عالق في عمان منذ عشرة أشهر بدون الوثائق الرسمية المطلوبة. ويضيف "صحتي غير جيدة ولا يمكنني الحصول على رعاية صحية بدون تأشيرة نظامية".

يلزم العامل الوافد الذي يتجاوز وجوده في عمان الفترة القانونية بدفع 20 ريالاً عمانياً (52 دولاراً) كغرامة عند شباك الهجرة في المطار، و19 ريالاً إضافياً (50 دولارا) لوزارة القوى العاملة عن كل شهر قضاه في عمان بعد انتهاء صلاحية تأشيرته، (وتبلغ الفترة القصوى للمكوث بدون تأشيرة صالحة 25 شهرا يجبى مقابلها 500 ريال). وفيما لو تم تقديم ادعاء هروب ضد العامل فينبغي عليه دفع 400 ريال إضافية. وفي حالة حبيب المذكورة أعلاه، يتوجب عليه دفع غرامات بقيمة 1000 ريال (حوالي 2600 دولار).

وعلى الرغم من شح الوظائف في عمان، تذكر إحصاءات صادرة عن مركز القوى العاملة والتشغيل والتدريب في بنغلاديش أن 146.257 عاملاً هاجروا من بنغلاديش رسمياً طلباً للعمل خلال الفترة ما بين 1 يناير و2 أوكتوبر. حوالي 27% منهم (من 15000 إلى 17000 عامل) هاجروا إلى عمان، بينما بلغت نسبة المهاجرين إلى قطر حوالي 17%.

جاء محمد إرشاد إلى عمان في بداية شهر يونيو بعد دفعه 1500 ريال (3900 دولار) للحصول على تأشيرة حرة. يقول إرشاد "أتيت للعمل في عمان في يونيو، وأخبروني أنني أستطيع العمل في أي مكان، ولكن أين العمل؟ لقد دفعت مبلغاً هائلاً للحصول على تأشيرة، وها أنا الآن باقٍ بلا أمل".

تلقت بنغلاديش في الفترة ما بين أشهر يونيو وأغسطس من عام 2015 ما مقداره 628.86 مليون دولار كحوالات مالية من عمان، فيما لم يتجاوز مقدار الحوالات للفترة نفسها من هذا العام 603.04 مليون دولار.