لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

الكويت تعفي أرباب العمل من دفع تكاليف ترحيل العامل المنزلي "الهارب"

في 10 نوفمبر 2016

أعلنت وزارة الداخلية الكويتية مؤخراً أنها اتخذت قراراً يقضي بإعفاء الكفلاء أرباب العمل من دفع ثمن تذكرة طيران إعادة أي عامل أو عاملة إلى بلدها إذا كان قد تم الإبلاغ عن تغيبها عن العمل ("هربها")، أو كان قد صدر بحقها حكم بأية تهمة جنائية أخرى. ويقضي القرار كذلك بتشديد العقوبات على كل من يوظفون أو يؤون عمالاً "متغيبين"، ويجبرهم على دفع ثمن تذاكر إعادة العمال إلى بلادهم.

ورغم اعتراف السلطات الكويتية المسبق بأن الكثير من حالات "الهروب" كانت نتيجة لسوء المعاملة والتعسف الوظيفي، فلا "الاستجواب" يتكشف عن مخالفة رب العمل للقوانين ويرتقي إلى مستوى التحقيق في الأسباب التي دفعت العاملة إلى التغيب، ولا رب العمل المتعسف أو الذي يسيء معاملتها يمكن أن ينال جزاءً يوازي في شدته الجزاء الذي تناله العاملة.

لا تقتصر "إساءة المعاملة" على الإيذاء الجسدي فقط، إنما تمتد إلى مختلف ظروف العمل غير العادلة. حيث يواجه عمال المنازل أكثر من غيرهم العديد من العقبات في الإبلاغ عن انتهاكات تتعلق بعقود عملهم وأجورهم وظروف عملهم، ناهيك عن ضآلة فرص توصلهم إلى نتيجة مرضية أو صدور قرارٍ يخصهم بالذكر. وحتى الأحكام القضائية التي تفرض عقوبات محددة على أرباب العمل لا تُنفَّذ غالباً.

ومن ناحية ثانية، يتجاهل القرار الصادر البلاغات الكيدية الكاذبة التي يقدمها أرباب العمل ضد عاملات المنازل بهدف معاقبتهن والإفلات من تهمة التعسف وإساءة معاملتهن، وبشكل خاص، لأجل التنصّل من الالتزامات المتوجبة عليهم كأرباب عمل وكفلاء، مثلما ذكرنا في تقرير سابق عن تعسف أرباب العمل باستخدام البلاغات الكيدية.

إن إعفاء أرباب العمل من واجبهم بدفع ثمن تذكرة إعادة العاملة أو العامل إلى بلده ليس إلا علّة جديدة تضاف إلى علل العلاقات غير المتوازنة الناجمة عن نظام الكفالة الذي ينتفع منه أرباب العمل أكثر مما ينتفع منه عمال المنازل. وليس قرار الإعفاء إلا حماية أكبر وتوسيعاً لمجال سيطرتهم، الواسع أساساً، على العمال. بينما يتعين على الكويت في الواقع أن تولي الاهتمام للثغرات الكبيرة في توفير الحماية القانونية لعمال المنازل قبل أن تفرض المزيد من الإجراءات العقابية ضد العمال المتغيبين!

وبينما مسألة عمال المنازل "الهاربين" تحظى بتغطية إعلامية دائمة، وتضخُّم تكاليف الاستقدام والتوظيف يعني تدفق استثمارات مالية هائلة في قطاع العمالة المنزلية، ويُعتبر بالتالي وجود عاملات وعمال "هاربين" هدراً بالاستثمار، ما يزال الجدل الساري شعبياً (ورسمياً) لا يعير أدنى اهتمام للظروف والأسباب التي تجبر العمال على الهرب من أرباب العمل مثل انخفاض الأجور والإجهاد الزائد في العمل وإساءة المعاملة الجسدية والنفسية. ويبدو واضحاً أن السلطات الكويتية تحاول دغدغة المشاعر الشعبية على حساب سلامة العمال ومصالح أرباب العمل على حد سواء، حيث تقدّم الترحيل كحل سريع لكل مشكلة تتعلق بعاملات المنازل أو يوجه فيها إصبع الاتهام إليهن! الأمر الذي يعتبر رد فعل غير محسوب لا يفيد إلا في تعزيز ممارسات التوظيف المسيئة التعسفية والإجراءات غير العادلة في التوظيف.

يُذكر هنا أن القرار الأخير يأتي بالتزامن مع القيام خلال هذا العام بـ "إصلاحات" أخرى مريبة من حيث تأثيرها على استقدام وتوظيف وإقامة عاملات وعمال المنازل وغيرهم من العمال المهاجرين. ويدخل حيز التنفيذ في شهر يناير من عام 2017، حسبما ذكر موقع "أراب تايمز" الالكتروني.