لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

شركة ترانسجارد التابعة لمجموعة الإمارات تتخلى عن عمالها وتُغرقهم في عبودية الدين

بعد أن دفعوا رسوماً ضخمة للتوظيف وتحمّلوا تكاليف أخرى بأمل تحسين معيشتهم، يعود عدد كبير من العمال النيباليين ممن كانوا راغبين في العمل في الإمارات محملين، بدلاً عن ذلك، بديون كبيرة.

في 13 سبتمبر 2020

كان سانتوش داهال البالغ من العمر 31 عاماً سعيداً عندما علم أنه قد حصل على وظيفة في مطار دبي الدولي.

عمال مهاجرون من النيبال ودول أخرى موظفون لدى شركة ترانسجارد في معسكر عمالي بانتظار دورهم للعودة إلى الوطن. تم إنهاء عقود هؤلاء العمال بشكل تعسفي قبل انتهائها (تصوير: جيرام نيبال)

ودفع داهال لريفر أوفرسيز (River Overseasوكالة التوظيف الرائدة التي تزود منطقة الخليج وماليزيا بالعمال، مبلغ 78,000 روبية هندية (حوالي 665 دولار أمريكي) كرسوم لتوظيف، بما يعادل عدة أضعاف السقف الرسمي الثابت الذي حددته الحكومة والبالغ 10,000 روبية هندية (85 دولار أمريكي).

وقال داهال: "كنت أيضاً أعرف عن القواعد الحكومة، وأخبرت وكالة التوظيف بذلك. وبعد أن تم اختياري خلال المقابلة، قيل لي، أنني سوف لن أحصل على الوظيفة، إلا إذا دفعت المبلغ المطلوب. وإذا لم أفعل فإن الوظيفة ستذهب لشخص آخر." وأضاف داهال وهو في الأصل من منطقة دولاكا الجبلية: “كنت اعتقد أن العمل في مطار دبي مبعث فخر، لم اشأ أن أتخلى عن الفرصة، فوافقت على دفع المال المطلوب. وفي نهاية الأمر، لم يكن لدي خيار آخر."

وبرغم دفعه لرسوم التوظيف الباهظة، إلا أنه أعطي رصيداً على مبلغ 10,000 روبية هندية. وذُكر في تصريح العمل الذي أصدرته الحكومة النيبالية أنه سيعمل في شركة ترانزغارد (Transguard LLC).

تصريح عمل صادر عن الحكومة النيبالية لسانتوش داهال للعمل في ترانسجارد ذ.م.م. ويظهر تصريح العمل أنه داهال سيتسلم راتباً أساسياً قدره 1,200 درهم إماراتي. (تصوير: إدارة العمال الأجنبية)

ويتذكر داهال أن ممثل وكالة التوظيف أخبره: " إنه حتى وإن صدر تصريح العمل باسم شركة ترانسجارد ذ. م. م، إلا أن العمل فعلياَ سيكون في مطار دبي. وأن هذه الشركة ستوظف العامل حالياً، ولكن العمل في نهاية المطاف سيكون في المطار."

في 20 يناير 2019، وصل داهال إلى دبي، لكنه لم يلتحق بالعمل لمدة الشهور الأربعة التالية. وقيل له، أن العمل الذي أتي من أجله في المطار لم يبدأ بعد. ولذلك فإن عليه الانتظار. 

وقال داهال:" خلال تلك الفترة كانوا يدفعون لنا مبالغ صغيرة". مسترسلاً: "فقط عندما وصلت إلى دبي، علمت أن شركة ترانسجارد كانت شركة تزود مطار دبي بالعمال، علمت حينها أنني لم أعيّن في المطار. فقط عندما وصلت إلى هنا عرفت الفارق ما بين التوظّف من خلال الوكلاء والتوظيف المباشر." 

ولم تدفع ترانسجارد الحد الأدنى للأجر كما هو مذكور في العقد الذي وقّعه في النيبال. 

وقال داهال:" كانت وظيفتي هي عامل مناولة خاص. وعندما تسلّمت تصريح العمل، ذُكر في العقد أنني باستثناء الطعام، فسوف أحصل على أجر قيمته 1200 درهم إماراتي." وأوضح: " لم يُقبل العقد الذي وقعته في النيبال، في دبي، فقد كان هناك عقد عمل آخر هنا. وذُكر في العقد الجديد أن الحد الأدنى لراتبي هو 800 درهم إماراتي، مع علاوة للطعام قدرها 125 درهم، و80 درهم إماراتي علاوة الحضور، و100درهم إماراتي علاوة العمل في الطيران في المطار، وبذلك يصل الراتب الشهري إلى 1,105 درهم إماراتي، بفارق 400 درهم إماراتي حتى في الحد الأدنى للأجر."

العقد الجديد الذي أّعطي لداهال بعد وصوله إلى دبي ويُذكر فيه أنه سيتسلم راتباً أساسياً قدره 800 درهم إماراتي. (تصوير: سانتوش داهال)

وكان عليه أن يدفع 185 درهم إماراتي في معسكر إقامته العمالي، زيادة على علاوته للطعام. 

وقال داهال: " لم يسمح لنا بطبخ وجباتنا في مكان إقامتنا، كان علينا أن نأكل ما يُعطى لنا من طعام بغض النظر عن جودته، وكان يُخصم من راتبي الشهري 310 درهم إماراتي، بينما نحصل على 125 درهم إماراتي فقط كعلاوة طعام."

"وعندما سألت عمال آخرين عن ذلك، أخبروني أن هذا هو الوضع. وكان هناك صندوقاً في مكان العمل لنضع فيه تظلماتنا، وقد قمت، مراراً، بوضع شكواي في ذلك الصندوق لكن لم يتغير شيئاً أبداً."

ويضيف: “لا أـحد يعمل هنا من أجل هذا الراتب الضئيل. لكننا كنا نحصل على الإكراميات من بعض العملاء، وكنت أعمل على أمل الحصول على هذه الإكراميات التي يجود بها الزوار الكرماء، لكن مع الجائحة، فقدت ذلك ايضاً."

داهال ليس وحيداً في ذلك

بعد تفشي كوفيد 19، أُجبر عدد كبير من العمال الباكستانيين، والهنود، و النيباليين ممن لم تنته عقود عملهم، على الاستقالة ورحّلوا إلى أوطانهم". وكانت شركة ترانسجارد قد بعثت 2,479 إسماً إلى السفارة النيبالية للبدء في إجراءات إعادتهم إلى الوطن.

أما بهاكتي بي كي، الذي عاد إلى النيبال في 31 يوليو فقال: " لم يتسنَ لي سوى العمل لـ48 يوم، ولم أتمكّن حتى من استرداد المبلغ الذي دفعته للحصول على هذا العمل، وقد انتهي بي الأمر لأخذ المزيد من القروض. فقد دفعت 85,000 روبية نيبالية كرسوم توظيف لوكالة ريفر أوفرسيز، لكنني لم أدفع حتى نصف القرض. وقد أخبرت مدير الموارد البشرية بوضعي، لكنه لم يتحمل أي مسئولية عن ذلك." وكان بي كي قد وصل إلى دبي في 7 يناير، وعمل كمتدرب حتى 31 يناير. يقول:" بدأت العمل في 1 فبراير، وتوقف العمل منذ 18 مارس."

ويقول نيم بهادور من بارديا أن العمال كانوا خائفين ألا ينجو من كوفيد 19. وكان نيم قد انضم إلى ترانسجارد في 24 مارس 2019 بعد أن دفع 95,000 روبية نيبالية كرسوم توظيف. 

قال بي كي: "وعندما تم استدعاء العمال من مطار دبي، لم تكن الشركة محبذة لإبقاء العمال والدفع لهم. وقامت بتهديدهم لإبقائهم صامتين. " ويضيف: " كانت على الشركة أن تتحمل مسئولية توظيفنا لأننا وقعنا معها عقداً مدته عامين. وإذا كانت غير قادرة على توظيفنا، فعليها أن تعوضنا رسوم التوظيف قبل أن تعيدنا إلى أوطاننا. لكنهم جعلوا الوضع أسوأ بكثير بإعطائنا طعاماً سيئاً للغاية للدرجة التي كنا سعداء لمجرد العودة إلى الوطن."

وقال عامل آخر يدعى جيني شريسثا: "لم تكن الشركة توفر حتى الحد الأدنى من المرافق للعمال، كما أن الطعام الذي تزودنا له كان متدني الجودة إلى درجة كبيرة." أما داهال فقال:" أن ترانسجارد أعادته إلى بلاده دون أن تدفع له تعويض إجازاته المرضية ومبالغ مكافأته."

ويضيف: "طلبت مني الشركة أن أرتّب لشراء تذكرتي والعودة إلى النيبال. واشتريت تذكرة على الخطوط النيبالية بقيمة 43,600 روبية نيبالية للسفر بتاريخ 3 يوليو، وقدمتها للشركة لكي تسلمني جواز سفري. وفجأة، تم الاتصال بي في 31 يونيو وأعطيت لي تذكرة تاريخها 1 يوليو على رحلة فلاي دبي. وكنت قد اشتريت التذكرة بناءً على توصية الشركة، لكن لم يسمح لي بالسفر في اليوم المحدد في التذكرة التي اشتريتها، وإنما في 1يوليو. لقد أهدرت أموالي بشراء التذكرة، وعوضاً عن ذلك فقد تمت إعادتي خالي الوفاض دون أن تدفع لي تعويضاً عن 29 يوماَ هي مخصصات إجازاتي، ومكافأة العمل لعام واحد."

ولا يزال العمال الذين لم يتمكنوا من العودة إلى الوطن، باقون في معسكر سكن العمال. ويقول جيارام نيبال: نحن نعيش في أوضاع مروعة. لم أتمكن من العمل في دبي سوى لثلاثة شهور. فقد سرّحتنا الشركة بدون أية معلومات." ووصل جياران إلى دبي بعد أن دفع رسوم توظيف قيمتها 55,000 روبية نيبالية. ويضيف: "لم يدفع لي راتب شهر مارس، وكل ما حصلت عليه هو الطعام."

يقول أندي هال، أخصائي العمالة المهاجرة المستقل الذي يعمل على تقييم وضع العمال المتضررين: "أن مرسوم الإمارات العربية المتحدة رقم 279/2020 كان له تأثيراً مدمراً وترك آلاف العمال بدون أجور. واجتمع التوظيف غير الأخلاقي لعمال شركة ترانسجارد، خصوصاً هؤلاء الذين تم توظيفهم مؤخراً، إلى جانب التأثيرات السلبية لجائحة كوفيد 19 بالإضافة إلى المرسوم، ليؤدي ذلك كله ازدياد مخاطر تفشي العمل القسري وعبودية الدين بين الكثيرين من هؤلاء العمال."

وكان هال يحاول يشرك المستثمرين في الشركات مثل ترانسجارد في الامارات، ليرفع من مستوى الوعي " بالعمل القسري المنظم، وبعبودية الدين في سلسلة توريد العمالة لهم، بسبب اهمالهم المخيف، وذلك لتجنب العبودية الحديثة والافتقار لسبل التوظيف الأخلاقي والممارسات الأخرى التي تقوم بها شركة ترانسجارد. الأمر يستغرق وقتاً ولكنني أبحث عن حلول وتعويضات للرسوم لجميع العمال المتضررين."

وفشل الكثير من الشركات في الإمارات في توفير الطعام أو معدات الحماية الأساسية لعمالهم. وبحسب العمال، فإن حكومة الإمارات كانت أكثر اهتماماً بحماية الشركات من العمال خلال الجائحة. ويعتقدون أن سياسة "الإجازة المبكرة" هي مثال واحد فقط على ميل حكومة الإمارات إلى جانب مصلحة أصحاب العمل. 

و"الإجازة المبكرة" هي سياسة جديدة أُطلقت في أبريل، وتسمح للعمال المهاجرين بالعودة إلى بلدانهم الأصلية في إجازات غير مدفوعة، والعودة في وقت معيّن يحدده العامل وصاحب العمل دون انهاء عقد العمل، بشرط استيفاء شروطاً محددة. 

وفي ردها على العمال الذين عبروا عن احتجاجهم عبر الانترنت، زعمت شركة ترانسجارد أنها "تعمل بشكل استباقي مع السفارة النيبالية" من أجل إعادة 3100 عاملاً "ممن أصبحت وظائفهم غير مفعّلة”. كما قالت أيضاً، أنه بينما أعادت أكثر من 5,000 عامل إلى دول أخرى، كان الوضع صعباً مع النيبال تحديداً بسبب بقاء المطار مغلقاً لمدة أطول. وقالت الشركة أنها كانت تدفع تذاكر سفر العمال الذاهبين لقضاء إجازاتهم السنوية، أو أولئك الذين " تعطلت وظائفهم"، وليس للعمال الذي "استقالوا أو الذين أنهيت خدماتهم وفق القانون الاماراتي".

ومع ذلك، فإن الكثير من العمال ممن تحدثت معهم MR قالوا أنها لم يُمنحو أي خيار، وأنهم أُجبروا على تسليم استقالاتهم. كما أن الاختلاف بين التعطل عن العمل وبين التسريح والالتزامات القانونية المرتبطة بهما غير واضحة. فالمادة رقم 131 من قانون العمل الإماراتي تنص بوضوح على أنه على صاحب العمل، في حال انهاء العقد، تحمّل نفقات إعادة العامل إلى وطنه الذي تم توظيفه منه، أو إلى أي مكان آخر يتم الاتفاق عليه بين الطرفين. 

وقد حاولت Migrant-Rights.org الحصول على رد من مجموعة ترانسجارد على هذه الاتهامات الموجهة اليها. إلا أن متحدث المجموعة أكّد على أن الشركة تمتثل بشكل تام لقوانين العمل الإماراتية. (الرد بالكامل في الشريط الجانبي). 

وتعتبر ترانسجارد واحدة من العديد من أصحاب العمل الذين فشلوا في الوفاء بالتزاماتهم تجاه العمال. (أنظر الشريط الجانبي أعلاه)

وقد سجًل 44,000 عامل نيبالي للعودة إلى الوطن لدى السفارة النيبالية في أبوظبي. وفي حين يسّرت السفارة النيبالية عودتهم إلى الوطن، إلا أنها لم تتمكن من ضمان استردادهم لرسوم التوظيف أو أية أجور أو مزايا مستحقة لهم. 

وقال السفير النيبالي لدى الإمارات، كريشنا براساد داكال أن السفارة تقوم بإعادة العمال بالتنسيق مع العمال أنفسهم وأصحاب العمل المتضررين. وأضاف: " لقد قمنا بالتنسيق مع أصحاب العمل والحكومة المضيفة لحماية حقوق العمال النيبالية وضمان توفير أصحاب العمل لتذاكر السفر لمن يود العودة إلى الوطن من العمال."

ووجد تقرير حديث صادر عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في النيبال (NHRC) أن هؤلاء الذين هاجروا بعد دفع مبالغ كبيرة بأسعار فائدة مرتفعة وخسروا وظائفهم خلال الأشهر القليلة الماضية، أصبحوا محاصرين في حلقة خانقة من عبودية الدين.  

يقول مفوض هيئة الحقوق، سوديب باثاك، "يبدوا أن كلاً من الحكومات المرسلة والمستقبلة فشلت في تعويض رسوم التوظيف، وإزالة عبء الديون عن العمال. كما يبدوا أن الطرفين لم يبذلا الاهتمام الكافي لهذه القضية." ويضيف: " على الوكالات ذات العلاقة تسهيل الوصول إلى إنصاف العمال الذين انتُهكت حقوقهم العمالية والإنسانية وذلك بتوفير بيانات وأدلة حول عن الضحايا. ولذلك، فإن يجب إخضاع السلطات في الدول المستقبلة وأصحاب العمل للمساءلة".  

 حاولت MR أيضاً الوصول إلى مجموعة الإمارات وريفر أوفرسيز. وقد قامت الأولى بتوجيهنا إلى شركة ترانسجارد للتوضيح. ولم نتلق رداً من ريفر أوفرسيز.