تراجعت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عن إدارج العمالة المهاجرة ضمن المستفيدين من صندوق التعطل بعد احتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت الوزارة قد نشرت عدداً من المنشورات التي تحدد خدمات ومزايا التأمين المقدمة بموجب قانون التأمين الاجتماعي. وأوضح أحد المنشورات شروط استحقاق مخصصات البطالة، التي تشمل أيضاً العمال الأجانب. وبرغم أن القانون ليس جديداً، إلا الكثير من المواطنين عبروا على وسائل التواصل الاجتماعي عن استيائهم من التعليقات المعادية للأجانب مثل "المواطنون يدفعون والأجانب يأكلون".
واستنكر النائب البرلماني، أحمد الدمستاني، ما أعلنته الوزارة قائلاً: "في البحرين قنبلة وهي ملف العاطلين، وكذلك غلق ملفاتهم حتى لا تصرف لهم التعويضات بذرائع كثيرة، فيما تفتح وزارة العمل الباب للأجانب بالبحث عن العمل وكذلك تعويضهم عن تعطلهم."
وتعهد الدمستاني بأنه وبعض النواب ستكون لهم وقف بخصوص هذا الإعلان الرسمي من قبل وزارة العمل.
إلا أن ما يبدو أن النائب، والكثيرين الآخرين قد أغفلوه، هو أن العمال الأجانب، يساهمون في صندوق التعطل بأعداد أكبر من المواطنين. فحتى 2 أكتوبر 2020، بلغ عدد غير البحرينيين المساهمين في هيئة التأمين الاجتماعية 456,840 شخص، مقابل 144,511 بحريني.
ويساهم كل من المواطنين والعمال المهاجرين بنسبة 1% من رواتبهم الأساسية، والتي يتم اقتطاعها من قبل صاحب العمل لصالح صندوق التعطل. وعندما يفقد المساهمون في الصندوق وظائفهم، يحصلون على ما قيمته 60% من أجورهم الأساسية من الصندوق شهرياً ولمدة 9 شهور، أو حتى الحصول على وظيفة أخرى، أيهما يأتي أولاً. ويتناسب الدفع مع معدل الأجور الأساسي على أن لا يقل عن 200 دينار بحريني ولا يتجاوز 1000 دينار. ويجب أن يكون الموظف المؤمَّن عليه المستفيد قد عمل لمدة 12 شهر على الأقل لكي يستفيد من إعانة التعطل. ولا يحصل عليها هؤلاء الذي يستقيلون طواعية، أو الذين يرتكبون ما يقع ضمن سوء السلوك.
وفي أعقاب ردود الفعل قامت الوزارة بسحب بيانها المنشور، و حمّلت رسماً بيانياً جديداً لا يتطرق للعمال المهاجرين. وكان الرسم البياني الأوليّ قد أشار إلى متطلبات العمال المهاجرين للوصول إلى الصندوق في النقطة 9: " يجب أن يكون العامل الأجنبي مقيماً قانونياً في المملكة بهدف البحث عن وظيفة بحسب القوانين واللوائح المطبقة."
و زعمت الوزارة فيما بعد أن المهاجرين غير مؤهلين للحصول على إعانات التعطل، وأن أحكام قانون التأمين الاجتماعي "مخصصة فقط لإعانة البحرينيين" الذي يتم الاستغناء عنهم تعسفياً من العمل. وأشارت الوزارة إلى أن العمال بإمكانهم، عوضاً عن ذلك، رفع دعوى قضائية خلال شهر واحد من إنهاء خدماتهم غير المبرر للحصول على التعويض بحسب لوائح هيئة تنظيم سوق العمل.
ويتناقض هذا الزعم مع المادة 10 من قانون التأمين ضد التعطل، والتي يدرج بموجبها العمال ضمن صندوق التعطل بشكل واضح. ومن الممكن أن يطالب العمال بالتعويض في حالة الفصل التعسفي، ولكن هذا يعتبر حق منفصل ومتميز عن استحقاقات إعانات التعطل. وأكّد محامٍ تحدثت إليه Migrant-Rights.org أن تفسير الوزارة لهذا الحكم غير صحيح.
وتعليقاً على حذف الوزارة لما نشرته، غرّد الباحث المتخصص في حقوق العمال، خليل بوهزاع قائلاً: "حذف استحقاق العامل الاجنبي للتأمين ضد التعطل من إعلان لا يغير من الحقيقة القانونية بأن يستحق ذلك إذا ما تعطل عن العمل".
حذف استحقاق العامل الاجنبي للتأمين ضد التعطل من إعلان لا يغير من الحقيقة القانونية بأن يستحق ذلك إذا ما تعطل عن العمل
— Khalil Buhazaa خليل بوهزّاع (@Khalil_Buhazaa) November 8, 2020
والبحرين هي الدولة الخليجية الوحيد التي تدرج العمال المهاجرين في نظام إعانات التعطل – على الأقل على الورق. وبحسب المرسوم التشريعي رقم (78) لعام 2006، بشأن التأمين ضد التعطل، فإن العامل المهاجر يستحق إعانة التعطل إذا كانت إقامته قانونية ويبحث عن وظيفة بشكل نشط.
وغالباً ما استخدمت حكومة البحرين هذا الحكم لتقديم نفسها كرائدة في حقوق المهاجرين في المنطقة. وعلى سبيل المثال، في ردها على مناشدات منظمات المجتمع المدني لتقديم حماية أفضل للعمال المهاجرين خلال أزمة كوفيد 19، أشارت الحكومة إلى أنه من بين المبادرات الرئيسية التي تم اتخاذها، "أتاحت المملكة لكافة العاملين الاستفادة من نظام التأمين ضد التعطل دون تمييز بين فئاتهم أو جنسياتهم لحماية العامل من العوز و الحاجة أثناء فترة تعطله."
ولكن الواقع يختلف كثيراً عن ذلك، فالعمال المهاجرين الذين يشكلون غالبية القوى العاملة في البحرين، يساهمون بالدفع لصندوق التعطل ولكن نادراً ما يستفيدون منه. فلدى المهاجرين المتعطلين عن العمل 30 يوما لتعديل أوضاعهم القانونية بالتحوّل إلى وظيفة أخرى، وإلا فإنهم يصبحون غير قانونيين وبالتالي غير مستحقين للمزايا. وفي الغالب، يستغرق الأمر شهرين لفتح حساب مطالبة لدى الوزارة للبدء في الحصول على مخصصات البطالة، ولذلك يصبح من المستحيل أن يستفيد العمال المهاجرين منها.
وهذه الروايات المضللة لا تؤجج اشتعال خطابات كراهية الأجانب فحسب، وإنما أيضاً تؤثر على الحكومة لسن سياسات أكثر عنصرية. فعلى سبيل المثال، أدى نشر الشركات والسياسيين للأكاذيب المتعلقة بالتصريح المرن إلى دفع الحكومة لتكثيف حملات التفتيش ضد أصحاب التصاريح، واحتجاز وترحيل المئات لاتهامهم بانتهاكات ضد النظام.
وتضيف ردود الأفعال العنيفة إلى إهانة لكثير من المهاجرين الذين فقدوا وظائفهم، والذين خُفّضت دخولهم، والذين يواجهون الإخلاء، ودُفعوا إلى مواجهة حالاً من اليأس حينما تم استثناءهم من الإعانات الحكومية التي أُطلقت في مواجهة كوفيد 19، كما كانوا يفتقرون لمساعدة شبكات الضمان الاجتماعي الأخرى.