بعد ٣ أشهر من صدور قرار من مجلس الوزراء السعودي، قامت البنوك في المملكة العربية السعودية بتجميد حسابات مهاجرين بسبب عمليات بنكية "لا تتناسب مع وظائفهم وأجورهم" حيث تشرف مؤسسة النقد السعودية على هذه الحملة بحجة مكافحة "التستر التجاري" والمهاجرين "الذين يعملون لحسابهم الخاص". وقد وصف الإعلام السعودي هذه التحركات على أنها محاولة لوقف تدفق مئات الملايين إلى خارج المملكة و"للحد من هيمنة الأجانب على بعض القطاعات التجارية”. يعكس هذا الوصف صورة سلبية للمهاجرين في المجتمع السعودي باعتبارهم مستغلين للمال العام لارسالهم مبالغ إلى أهاليهم على شكل حوالات مالية. الخطاب السعودي العام يصور هذه التحويلات باعتبارها سرقة بدلاً من الاعتراف بأنها من مالهم الخاص ولهم الحق والحرية في التصرف بها. المهاجرون يؤدون الدور الأساسي في قطاعات العمل السعودية، إلا أن هذه الحقائق يتم تهميشها في الخطاب الرسمي والشعبي.
هذه القيود المفروضة على أموال العمال المهاجرين ليست جديدة؛ فقبل عامين، اشتكى مهاجرون في السعودية من التعسف معهم في معاملاتهم المصرفية، حيث يتم ربط حساباتهم مباشرة بوضعهم القانوني في البلد، ومنعهم من الوصول لأموالهم إذا تأخروا في تجديد إقاماتهم لأي سبب كان، حتى وإن تسبب الكفيل بهذا التأخير. بالإضافة إلى ذلك، يتعرض مهاجرون لابطال بطاقات الائتمان خاصتهم وتجميد رخص القيادة في حالة انتهاء اقاماتهم. في عام 2011، قام الآلاف من المهاجرين بإفراغ حساباتهم المصرفية خوفاً من أن يتم تجميد خلال الحملة التي استهدفتهم ونتجت عن ترحيل أكثر من مليون مهاجر/ة.
ووصف مسؤول في أحد البنوك آلية تجميد حسابات المهاجرين حيث تتم مراقبة الحسابات بشكل منتظم ومقارنتها مع الدخل الشهري والسنوي للعامل، وإذا وجد أي "نشاط مشبوه"، يقوم البنك بتجميد الحساب وابلاغ مؤسسة النقد السعودية، والتي بدورها تقوم بإبلاغ وزارة التجارة والصناعة لاتخاذ إجراءات ضد أصحاب هذه الحسابات المشتبه بها.
وفي هذا الصدد، قال السيد عصام خليفة، عضو الجمعية الاقتصادية السعودية، لصحيفة الشرق الاوسط، "أن البلاد على وشك أن تغرق في التستر التجاري. فقد امتص بعض العمالة الوافدة المال من البلاد وترك فقط العظم." الإعلام والنخبة في المملكة العربية السعودية مرة أخرى يصورون المهاجرين باعتبارهم "مستغلين للاقتصاد الوطني ومال الدولة"، وهو ما يعكس موقف السلطة من المهاجرين وحقوقهم في السعودية.
في السنوات القليلة الماضية، قامت المملكة العربية السعودية بإنشاء نظام حماية الأجور يلزم أصحاب العمل بدفع أجور العمال المهاجرين إلكترونيا إلى حساباتهم المصرفية لضمان استلام المبالغ في الوقت المناسب وبطريقة تتناسب مع أجورهم المتعاقد عليها. وقد أعلن مسؤولون مؤخراً أن عاملات المنازل سيتم ادراجهم في هذا النظام قريباً. لم يتم بعد تكليف أي جهة لدراسة تأثير هذا النظام على العمال المهاجرين، ولكن يبدو جلياً أن المقصود من هذا النظام تسهيل السيطرة على أموال وتنقلات المهاجرين في المملكة. نظام الأجور هذا يأتي كمثال على محاولات السلطات في الخليج استغلال طرق قانونية للتضييق على المهاجرين وتكريس صورة اجرامية ضدهم.