لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

نظام حماية الأجور في قطر: إشكاليات وتحديات

في 3 أبريل 2015

في الـ ١٨ من فبراير الماضي، قامت قطر بالموافقة على تعديلات لقانون العمل من بينها اعتماد نظام حماية الأجور. سبق وأن قامت السعودية والامارات باعتماد هذا النظام وفرضه على الشركات لتقوم بدفع رواتب الموظفين من خلال ايداعها في حساباتهم البنكية. وتضمن القرار القطري الجديد مهلة ٦ شهور لتعتمد الشركات هذا النظام الجديد حيث ستتعرض أي جهات مخالفة لعقوبة الحبس لمدة شهر وغرامة بقيمة ٦ آلاف ريال قطري. هذا ولم يتضمن القرار أي تفاصيل أخرى.

في مايو ٢٠١٤، أعلنت السلطات القطرية عن اصلاحات موسعة لنظام الكفالة وقوانين العمل إلا أن تصريحات السلطات بعدها جاءت متضاربة في المحافل الدولية والاقليمية مما أثار استياء النشطاء ووكالات الاستقدام والمهاجرين.

ويستمر الضغط الدولي على قطر منذ ديسمبر ٢٠١٠ بعد حصولها على حق استضافة كأس العالم ٢٠٢٢. مرت ٤ سنوات، إلا أن السلطات القطرية مازالت تماطل فيما يخص تحسين أوضاع العمالة المهاجرة ممن يعملون في بناء منشآت كأس العالم وتوسيع البنية التحتية للبلاد.

ويسهل نظام الكفالة وقوع انتهاكات واستغلال للمهاجرين الذين يتم تهميش وجودهم ومعاناتهم بشكل مستمر.

من أكبر المشاكل التي يواجهها المهاجرون حرمانهم من أجورهم أو التأخر في دفعها مما ينعكس على ظروف حياتهم في قطر وأوضاع عائلاتهم في دولهم الأم.

انتقادات لنظام حماية الأجور

يرى ناشطون أن نظام حماية الأجور يأتي كحل خاطئ للواقع الجاري. أحد هؤلاء تحدث لـ Migrant-Rights.org عن أن مشاكل المهاجرين فيما يخص الأجور لا تقتصر على دفعها وتأخرها بل تشمل حرمانهم من مقابل مادي لساعات العمل الإضافية أو استقطاع أجورهم: “حينما يحصل العامل على تحويل بنكي دون ورقة دفع لن يكون بامكانه الاعتراض لحظتها. الخطوة الأولى التي كان من اللازم تطبيقها قبل العمل بهذا البرنامج هو تحديد حد أدنى للأجور.”

وأضاف المتحدث: “هذه الحلول يصممها مستشارو الدولة الذي يجهلون واقع المهاجرين. بالتالي تأتي هذه الحلول متجاهلة احتياجات المهاجرين ومستوى تعليمهم واختلاف ثقافاتهم. بالطبع سيستغل هؤلاء المستشارون هذه الفرصة لتقديم ورش تدريبية لتنفيع أنفسهم.”

حالياً، يأتي نظام حماية الأجور كحل وحيد بالنسبة لدول الخليج وعلى قطر العمل على تطبيقه بما يخدم مصلحة المهاجرين. قراءة نموذجي السعودية والإمارات قد يساعد قطر في تحسين تطبيقها لهذا النظام الجديد.

نماذج اقليمية

تعتبر الامارات أول دولة خليجية تعلن عن اعتمادها نظام حماية الأجور في عام ٢٠٠٩ في سلسلة من المراحل وفقاً لحجم الشركات. ويتطلب هذا النظام من الشركات التعاقد مع أي من البنوك المعتمدة من قبل البنك المركزي لدفع رواتب موظفيها بشكل روتيني.

وبدأت السعودية اعتماد نظام حماية الأجور في ٢٠١٣ ليكتمل في نوفمبر ٢٠١٤ بعد أربع مراحل تنفيذية قسمت حسب عدد الموظفين.

مازالت وسائل المواصلات في قطر ضعيفة ومتفرقة بينما يجد المهاجرون أن أغلب مناطق الدوحة لا ترحب بهم مما يصعب وصولهم لأموالهم.

إشكاليات التطبيق

تفرض السعودية التعامل مع البنوك فقط في تطبيق نظام حماية الأجور مما يخلق ضغطاً على النظام البنكي في البلاد. وبعد طلب من وكالة النقد السعودية للتخفيف من الضغط المفاجئ على البنوك، قامت السلطات بتأجل المرحلة الرابعة من تطبيق نظام حماية الأجور لتكون في نوفمبر ٢٠١٤ بدلاً من يوليو من نفس العام.

الآن، تعتمد غالبية الشركات في الإمارات والسعودية النظام الجديد (٦٥٪ إلى ٩٠٪ من الشركات وفقاً لعدد الموظفين). في السعودية، اقتصرت المرحلة الأولى على شركات لها أكثر من ٣ آلاف من الموظفين. ونتجت المرحلة الأولى عن تطبيق النظام في ١١٩ من بين ١٨٤ شركة، بينما حصلت ٤٨ شركة على مهلة لاعتماد القانون الجديد. كما قامت السلطات بإيقاف ١٧ شركة لتخلفها عن تطبيق النظام.

في المرحلة الثانية (أكثر من ٢٠٠٠ موظف/ة) قامت ٨١ شركة بتطبيق القانون الجديد بينما أوقفت ١٣ شركة لفشلها في اعتماد النظام. وسمحت السلطات لـ ١٧ شركة مزاولة عملها بعد استيفاء الشروط اللازمة. وتضمنت عقوبات الامارات والسعودية ايقاف المعاملات الوزارية للشركات المتخلفة عن القرار وايقاف اصدار أي تأشيرات عمل جديدة لها.

تحديات وفرص للتطبيق القطري

على الرغم من أن أكثر من ٩٠٪ من سكان قطر من العمالة الأجنبية إلا أن اجمالي السكان أصغر من بكثير عن الامارات والسعودية. تبلغ نسبة الأجانب في الإمارات ٨٧٪ كما يمثلون ثلث سكان البلاد في السعودية. هذه النقطة مع الموقع الجغرافي لقطر وتركز نشاطاتها الاقتصادية حول الدوحة وبعض المناطق النفطية يجعل مهمة تطبيق هذا النظام أسهل في المثال القطري.

على قطر استغلال هذه الفرصة لتحسين الخدمات البنكية للمهاجرين حيث تخلو مناطق العمالة محدودة-الأجر من وجود نقاط للسحب الآلي. ومازالت وسائل المواصلات في قطر ضعيفة ومتفرقة بينما يجد المهاجرون أنهم غير مرحب بهم في أغلب مناطق الدوحة مما يصعب وصولهم لأموالهم.

وعلى الرغم من أن النظام الجديد لم يتم تعميمه بعد إلا أن البيان الرسمي يشير لاقتصاره على التحويلات البنكية لاختبار استعداد البنوك قبل العمل على تنفيذه.

وأشارت تقارير محلية أن محلات الصرافة تخطط للانضمام لنظام حماية الأجور مما يحسن من قدرة محدودي-الدخل على الوصول إلى أموالهم. كما تشير أحد التقارير لإشكاليات النظام الجديد:

"لا تجد العمالة الغير منظمة مشكلة في هذا النظام حيث سيقوم كفلائهم بإيداع رواتبهم في حساباتهم البنكية كما يتطلب القانون ليقوموا بعد ذلك بإعادة الأموال للكفلاء. سيحدث ذلك أيضاً مع مهاجرين محدودي-الدخل ممن يرغبون بكفالة عائلاتهم بالتغلب على شرط الراتب المطلوب في مثل هذه الحالات."

قد يكون نظام حماية الأجور خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح إلا أنه جزء صغير من واقع الاستغلال والانتهاكات. ستتحقق فائدة هذا النظام حينما تقوم قطر بتنفيذ وعود الاصلاح التي سبق وأن أعلنت عنها.