لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

الإمارات تدخل إصلاحات على أنظمة العمالة المنزلية… ماذا عن السلبيّات؟

في 11 يونيو 2018

في شهر مارس/ آذار الماضي أوقفت الإمارات العربية المتحدة (MOHRE) تجديد التصاريح الخاصة بوكالات توظيف عمال الخدمات المنزلية في إطار خطة لإدخال إصلاحات على نظام العمالة المعتمد في البلاد.

وأعلنت عن إحلال "مراكز تدبير" مكان وكالات التوظيف وتمرير قانون عمال الخدمات المساعدة الخاص بها. ومنذ إقرار هذا القانون منحت هذه المراكز التي تمثّل شراكة بين وزارة الموارد البشرية والتوطين والقطاع الخاص في البلاد، حق تقديم تأشيرات العمل والنصح والتوجيه والإرشاد والتدريب المناسب لعمال الخدمات المساعدة. كما سمحت لها أيضًا بتنظيم قطاع الخدمات المنزلية للمقيمين خارج المنازل، وهو خيار لم يكن متاحاً في القانون السابق. فيما بدأت الوكالات الحاليّة بتقديم عطاءات من أجل أن تصبحَ مراكز تدبير مسجلة.

تتيح هذه الإصلاحات نوعاً من التنظيم على قطاع العمالة المنزلية أكثر مما كان ممكنًا من خلال عمليات التوظيف السابقة والتي تمت إما رسميًا من خلال واحدة من مئات وكالات التوظيف المتوافرة، أو بشكل غير رسمي عبر تأشيرات زيارة يقوم أصحاب الأعمال بتغييرها إلى تأشيرات العمل في الخدمات المنزلية ما إن يصل العمّال الوافدون إلى البلاد.

وطبقاً لهذه الإصلاحات، سيكون هناك شركات مرخصة لتوظيف العمال أقلّ بكثير مما كان متوافراً في السابق. ولن تتم عمليات نقل تأشيرات الزيارة إلى تأشيرات عمال الخدمات المنزلية إلا في مراكز "التدبير".

إن التوظيف من خلال "مراكز التدبير" يمكن أن يعتبر "متطوّراً" نسبيا مقارنة مع عمليات التوظيف السابقة. هناك 3 باقات تستطيع الأسرة من خلالها اختيارما يتناسب مع حاجتها وإمكانياتها. تسمى الباقة الأولى "كفالة تدبير وإقامة لدى الأسرة". وتكون العاملة ضمن هذه الباقة تحت حماية "تدبير" بالكامل؛ إذ تتكفل تزويدها بكافة احتياجات مدبرة المنزل من حيث التدريب المسبق على عادات وتقاليد البلد وظروف وتفاصيل عملها، وبإجراءات الفيزا والإقامة والتجديد والتأمين الصحي والمسكن وتذكرة كل عامين. ويمكن للأسرة استبدال العاملة بأخرى لمرات عديدة ضمن هذه الباقة في حال وجود أسباب تستدعي ذلك، ويدفع المتعامل مبلغاً مادياً يبدأ من 6 آلاف درهم وراتباً شهرياً يصل لـ 3500 درهم.

أما الباقة الثانية فهي تقع على كفالة الأسرة بالكامل؛ إذ تتكفل الأسرة بدفع مبلغ يتراوح من 8000 إلى 15 ألف حسب الجنسية إلى جانب دفع تكاليف إنهاء كافة الإجراءات المتعلقة بالإقامة والتأمين الصحي. ويتراوح راتب المدبرة ما بين 1000 وحتى 1500، وتكون العاملة على كفالة مراكز تدبير لمدة 6 أشهر، ثم ينقل على كفالة الراغب في (توظيفه).

أما الباقة الثالثة فهي الباقة المرنة: وهي عبارة عن توظيف المدبرة بالساعات على أن يكون الحد الأدنى 4 ساعات وبقيمة 180 درهما بمعدل 45 درهما للساعة الواحدة، أو بمبلغ 1260 درهما عن الأسبوع و4465 درهما عن الشهر الواحد.

تحويل عمال المنازل إلى سلعة:

ورغم المزايا الإيجابية التي قد يحققها نظام العمل بمراكز التدبير؛ إلا أن الأمر لا يخلو من سلبيات. إحداها أن الأجور ما تزال تُصنّف بحسب الجنسية.  ففيما يبلغ مرتب عمّال أثيوبيا وأوغندا 2300 درهم ضمن الباقة الأولى؛ نجد في المقابل أن مرتب عمّال بنجلادش وكينيا ونيبال والهند أدنى من ذلك بواقع 2250 درهما، بينما يهبط مرتب عمال سريلانكا إلى 2200 درهم.

الأمر الآخر هو أن إعلانات مراكز التدبير الجديدة ما تزال تعزز تحوّل عمال الخدمات المنزلية إلى سلعة؛ وهو أمر مثير للقلق. "يمكنك بسرعة الرجوع إلى المنزل مع خادمتك الجديدة"، "يمكنك السفر مع خادمتك"، إن هذه عيّنة من الإعلانات التي يتمّ نشرها والتي تجعل عامل الخدمات المنزلية يبدو مثل هاتف جديد، بدلاً من كونه موظفاً وإنساناً يمتلك شخصيّة اعتباريّة.

إن المراقبة يمكن أن تكون فعّالة في النظام الجديد نظراً لوجود مراكز قليلة جدًا (نحو 11 مركز تدبير مرخص حالياً)؛ إلا أن المشكلة الماثلة هي أن آليات المراقبة الفعلية لم يتم إتاحتها للجمهور.  على سبيل المثال، لا يمكن التأكّد من مستوى تطبيق قوانين الإسكان الخاصة بعمال الخدمات المنزلية، مثل عدد العمال الموجودين في غرفة، أو ما إذا كان العمال يستطيعون مغادرة المجمع بإرادتهم.  من المفترض أن العمال الذين يعملون في قطاع الخدمات المنزلية لكنهم يقيمون خارج منازل أصحاب العمل، (من المفترض) أنهم يحظون بمعاملة أفضل. ولكن كما اتضح في الكثير من الحالات أن ذلك ليس صحيحاً؛ وذلك كما ثبت في حالة عمال  إحدى شركات النظافة.

وفي حين تحصر الأنظمة الجديدة حق نقل تأشيرات الزيارة الخاصة بالعمال إلى تأشيرات عمل في "مراكز التدبير"، إلا أنّ مشروعيّة هذا الإجراء ما تزال أمراً مشكوكاً فيه من الأصل. إن استقدام العمال من خلال تأشيرات الزيارة تعد طريقة للتحايل على الحظر المفروض على سفر عمال الخدمات المنزلية من قبل بعض دول المنشأ، إضافة إلى معاييرها في التوظيف والتعويضات التي تفرضها هذه الدول؛ فضلاً عن كونها وسيلة للإتجار بالبشر.

إن عملية حصر عمليات نقل "الفيزا" على "مراكز التدبير" قد تساعد في الكشف عن حوادث الإتجار بالبشر في حالة حصول المراكز على قدر كاف من التدريب ويتم تنظيمها بالشكل الملائم؛ إلا أن المشكلة هي أن هناك قدراً ضئيلاً من المعلومات المتاحة للجمهور والتي يمكن من خلالها تقييم فعّالية هذه العمليّة.