لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

في ظل معاناة الاقتصاد، حتى الشركات الرابحة تلقي بموظفيها في مهاوي الحاجة

في 9 يونيو 2020

في الوقت الذي تضرب فيه أزمة كوفيد 19 الاقتصادات الخليجية، تتفاقم القضايا العمالية المزمنة لتؤثر على بعض أكبر الشركات في المنطقة. وواحدة من هذه الشركات، التي توظف عدة مئات من الموظفين بما فيهم عمال الإنشاءات وموظفي المكاتب، هي شركة شوبا للهندسة والمقاولات Sobha Engineering and Contracting LLC (SECL) التي تتخذ من الإمارات موقعاً لها. وتعتبر شركة شوبا من الشركات عالية الربحية التي تتولى إنشاء مشاريع رئيسية مثل فندق كمبنسكي (KBBH)، ومشروعين لصالح مجموعة الوصل (Al Wasl group)، ومشروع  تطوير خور دبي – الخور على القطعة 20 وأكاسيا لصالح إعمار (Emaar) – ومعهد روشستر للتكنولوجيا – واحة سيليكون دبي. 

ومع ذلك، وبحسب ما ذكره عمالها لـ (Migrant-Rights.org (MR، فإن الشركة توقفت عن دفع الرواتب برغم من اكتمال المشاريع التي تعمل عليها أو مشارفتها على ذلك. وبدأت الشركة بتأخير الرواتب ابتداءً من يونيو 2018، بدفع راتباً واحداً عن كل أربعة أو خمسة شهور. واطّلعت MR على الوثائق والرسائل الالكترونية التي تم تبادلها خلال هذه الفترة والتي تحمل شكاوى الموظفين الداخلية مع الشركة، كما اطّلعت على القضايا المعروضة على المحاكم الرسمية. وأكد عدد من العاملين الذي تحدثت معهم MR أن أجورهم لاتزال معلقة. ويُذكر أن غالبية العمال هم من الهنود، وحاولت السفارة الهندية التواصل مع الشركة دون جدوى.

وأوضحت وثائق 124 موظف من أصل ما يقارب من 500 من الموظفين أن الشركة مدينة لهم بمبلغ قدره 6,642,513 درهم (يتجاوز 8,1 مليون دولار أميركي بقليل). ولا يشمل هذا المبلغ الرواتب المستحقة لـ 200 موظف آخرين لم نتمكن من مراجعة وثائقهم. 

"مع مرور الوقت يفقد معظمنا الأمل في النظام القانوني وسيادة العدالة. هذه العملية تستغرق وقتا طويلا، وتحتاج للمال لتكليف محامٍ للقتال من أجل الحقوق حتى النهاية، وهو ما لا يملكه الكثيرون".

وقال أحد ضحايا عدم دفع الأجور ويدعى إل إم *، "يخشى الموظفون، سواء ممن غادروا أو أولئك الذين يواصلون العمل من الحديث عن القضية، ناهيك عن التقدم بشكوى لوزارة الموارد البشرية والتوطين (MOHRE) لتخوفهم من فقدان أموالهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس. وحتى أولئك الذين رفعوا قضاياها في المحاكم العمالية لم يحصلوا على مستحقاتهم أيضاً" 

وقال إس إيه، الذي يعمل بالشركة منذ ست سنوات ونصف، والذي استقال من أجل العودة من خلال السفارة: إن والدته المسنّة وزوجته وأطفاله يعتمدون جميعهم عليه، ولم يستطع مواصلة العيش في الامارات بدون دخل. "ولكن كيف يمكنني العودة دون الحصول على مستحقاتي. لقد بعثت عدداً من الرسائل الإلكترونية إلا أنهم يتجاهلونني." 

أما دبليو. أيه. الذي أُوقِف عن العمل في مارس، فلم يتسلم مستحقات التسوية النهائية أو أي شي من مستحقاته. ويقول " استأجر سريراً فقط، ولا يمكنني دفع الإيجار، كما أنني أواجه الاخلاء". 

ويضيف إل. أم. :"مع مرور الوقت يفقد معظمنا الأمل في النظام القانوني وسيادة العدالة. هذه العملية تستغرق وقتا طويلا، وتحتاج للمال لتكليف محامٍ للقتال من أجل الحقوق حتى النهاية، وهو ما لا يملكه الكثيرون". وتحاول SECL  بما في وسعها لعرقلة قضايا المحكمة بما يكفي لنيأس ونغادر. إن تسلمنا رواتبا نظير ما نقوم به من عمل هو حقنا، ونحن نعاني، إلا أن أولئك الذي ينكرون علينا حقوقنا يواصلون حياتهم دون أي متاعب" .

ووجد أن جميع الرسائل الإلكترونية، التي أرسلها الموظفون للشركة منذ يناير 2019، تسجل شكاوى لعدم دفع الرواتب. وعبر مدراء مشروع KBBH وهم أحد عملاء الشركة SECL، كتابياً، عن القلق تجاه تمويل SECL، وطلبوا دليلا على أن المدفوعات التي تم استخدامها فقط للمشروع المتفق عليه. 

وكانت MR قد أجرت لقاءات مع عدد من الموظفين، وبعضهم عمل لدى الشركة لأكثر من 10 سنوات، ولا يزالوا يواصلون الإقامة في الإمارات على أمل الحصول على مستحقاتهم، فيما غادر البعض البلد خائبين جراء ما حصل لهم. 

ويعاني الكثيرون ممن بقوا في البلد وتقطعت بهم السبل مع عائلاتهم، فهم غير قادرين على تسديد ديونهم، ولا دفع فواتيرهم الائتمانية، ولا رسوم مدارس أبنائهم وهم يجاهدون للعيش. وبحسب أحد الموظفين فإن الكثيرين تم انهاء خدماتهم تدريجياً فيما أجبر البعض على الاستقالة. 

وتدين الشركة للعمال بمعدل خمسة شهور من الرواتب غير المدفوعة، بالإضافة إلى أي مزايا مستحقة لنهاية الخدمة. كما أن الكثير منهم قد انتهت صلاحية تأشيرة اقامتهم، الأمر الذي يضعهم في وضع غير مستقر.   

وتم تقديم الشكاوى لدى وزارة الموارد البشرية والتوطين، وتم أخذها إلى المحكمة. وقد صدر الحكم النهائي أو الأولىّ لعشر من هذه القضايا لصالح الموظفين الشاكين، فيما البعض لا يزال محشوراً في عملية الاستئناف. وهناك قضية واحدة في مرحلة إشعار التنفيذ وتنتظر السداد بحسب أمر المحكمة. 

Sobha group و SECL... ما وراء الأسماء

وتأسست شركة SECL في 2003 في إطار مجموعة Sobha Group، المملوكة  للمليونيرالعماني من أصول هندية، بي. أن. سي. مينون. (انظر الشريط الجانبي لوصلة التعريف بالشركة على لينكد إن الذي تم الدخول عليه في 4 يونيو 2020.) 

وعندما اتصلت MR بمكاتب بي أن سي مينون جاءها الرد التالي من مكتبه:

"يرجى العلم أن السيد بي. أن. سي. مينون ليس له علاقة بإدارة شركة Sobha Engineering & Contracting LLC (SECL) وليس لديه أي سلطة إدارية على الشركة. كما يرجى ملاحظة أنه باستثناء الاسم الشائع "Sobha"، فإن SECL هي كيان قانوني مميز تتم إدارته وتشغيله بشكل مستقل من قبل Sobha LLC (منذ 2017)، وأنه ليس جزءً من SOBHA Group. (وقد تم توجيه إدارة SECL لإزالة الاسم "Sobha" من إسم الشركة لتجنب التسبب في أي إرباك في أذهان الناس). وللمزيد من التوضيح في هذا الشأن يرجى الاتصال بالسيد أجيه راجندران. 

ولذلك، ننصحك بتوخي الحذر، ونأمل ألا تتم أي الاشارة للسيد بي أن سي مينون، أو لـ Sobha LLC or SOBHA Group في أية منشورات أو تقارير قد تنوى إصدارها في المستقبل."

وأعاد أجيه راجندران رئيس مجلس إدارة SECL هذا الزعم في محادثة هاتفية أجريت له من قبل MR.

"يفضل بعض العملاء تسلّم الأصول بعد هذه الأزمة. وقد أضفي ذلك صعوبة إضافية على الأمر. هذه مسألة أعمال، ونحن نقوم بكل شيء ممكن القيام به".

ومع ذلك، فإنه يبدو أن الشركتين لإزالتا على صلة ببعضهما. وفيما يلي بعض التفاصيل الخاصة بأحد المشاريع التي حصلت الشركة عليها في 2017: 

تطوير أرجان السكني

المطور: Meraki Real Estate Development

المهندس: PNC Architect (شركة تابعه ل Sobha Group)

استشاري المشروع: الوصل الجديد LLC

المقاول: Sobha Engineering & Contracting LLC

المقاول الهندسي والكهربائي: Sobha Electro Mechanical Works LLC (شركة تابعه ل Sobha Group)

وبالإضافة إلى ذلك، فإن توقيعات أعضاء إدارة Sobha group موجودة على وثائق رسمية بـ SECLحتى وقت قريب (في أغسطس 2017). وتواصل SECL استخدام شعار Sobha. وقال راجندران أن الشركة كانت في طور تغيير علامتها التجارية عندما ضربت الجائحة الإمارات وأبطأت سير العمليات. ولم يتم العثور على أي بيانات إعلامية أو تجارية بخصوص فضل الملكية. 

ونفى راجندران في حديثة لـ MR أن يكون أحداً من العمال قد تضرر بشكل كبير، وأنه ليس من الممكن ترك العمال بدون دفع أجورهم لمدة طويلة دون التعرض للإجراء صارم من قبل الشرطة أو السلطات. 

واعترف بأن رواتب الموظفين كانت معلقة بسبب توقف العملاء عن الدفع برغم استلامهم العقارات المكتملة والتي بدأوا باستخدامها. ورفض ذكر اسم العملاء الذي امتنعوا عن الدفع، قائلاً إن هناك مفاوضات جارية لضمان إجراء تسوية ودية وأن تدفع مستحقات الموظفين بالكامل.

"كانت لدينا خطة لاسترداد المستحقات، إلا أن أزمة كوفيد19 كانت كارثية إلى اقصى الحدود لخط أعمالنا. فبعض العملاء توقف عن العمل بشكل تام، فيما بعض العملاء فضلوا استلام الأصول بعد الأزمة. وكل ذلك جعل الأمر أكثر صعوبة. هذه مسألة أعمال، ونحن نقوم بكل شيء ممكن القيام به. ونحن على ثقة من توليد ما يكفي من الفوائض لتسوية ذلك".

وعندما سُئل عن الموظفين الذي معهم عائلاتهم في الإمارات ممن لم يتسلموا رواتبهم لشهور عديدة وهم يعانون للخروج من هذا الوضع، أصرّ على أنه تم تلبية جميع الطلبات الطارئة. إلا أن هذا الدعم لم يؤكده أي أحد من الموظفين الذين تحدثت معهم MR. بل على العكس من ذلك، قاموا بتقديم دليل على رسائل الكترونية متكررة دون أن تحصل على إجابة. .

وقال راجندران أيضا أن هناك مشروعات لاتزال قائمة، وأنه، وفي الوقت الحالي، تم إيواء ما بين 30 – 50 عامل ممن ليس بمقدورهم العودة إلى بلدانهم بسبب القيود المفروضة على السفر بسبب كوفيد19، في مساكن العمال. 

ولم يقدم رئيس مجلس الإدارة أي برنامج زمني ليتم وفقه تسوية كافة مستحقات الموظفين. 

تسويات ذوي الياقات البيضاء 

وتعكس قضية SECL السيناريو الذي يتكرر دائما وهو أن "موظفي المكاتب" - غير ذوي الياقات الزرقاء من العمال - هم آخر من يتقاضون أجورهم إذا كان ذلك سيتم فعلا. ولهذا تأثير مدمر عليهم، لأن التخلف عن سداد القروض وبطاقات الائتمان قد يعني معاناة مدى الحياة لتصفير المستحقات المالية في الخليج. فالعمال بشكل عام، لا يسمح لهم بمغادرة البلاد إذا كان هناك قضايا ديون ضدهم لم يتم حلها. 

وفي العمود الصحافي الأسبوعي " هيئة الدين" في الصحيفة الوطنية، ردت المحامية ريما مراد على قاريء مأزوم مالياً وغير قادر على سداد قرضه. "من وجهة نظر قانونية، لديك موارد محدودة لمعالجة القضايا والتحديات القانونية التي تواجهها مالم يكن لديك مصدر آمن للدخل. وفي هذه المرحلة، عليك أن تضع نفسك في وضع يمكّنك من الامتثال للقانون"

وهذه الخيارات المحدودة تنطبق على جميع العمال الوافدين ممن تم وقفهم عن العمل دون تسوية مالية أو أنهم يواصلون العمل بدون أجر. فالعمال الذين تتقطع بهم السبل في بلدان تنحاز فيه القوانين لصالح الشركات والأفراد، غالباً ما يكونون تحت رحمة صاحب العمل. 

* تم تغيير أسماء الأشخاص الذين تم لقائهم من أجل سلامتهم