واقعاً، شهادة عدم ممانعة في قطر؟
رد الفعل العنيف ضد الإصلاحات والمطالبة بخطاب استقالة موقّع يخلق عقبات في وجه التنقل بين الوظائف في قطر
مرت أربعة شهور منذ أن أعلنت قطر إلغاء شهادة الممانعة لتغيير العمل، ولكن لاتزال هذه الممارسة القديمة والاستغلالية مستمرة. إلا أن ردة الفعل المتزايدة ضد الإصلاحات تدعو للقلق، حيث أن الحكومة تحاول تهدئة مخاوف مواطنيها وشركاتها.
وطمأن وزير العمل، يوسف بن محمد العثمان فخرو أعضاء مجلس الشورى، في أول اجتماع للمجلس لهذا العام بـ "أن الانتقال بين الأعمال له قواعد وضوابط وإجراءات من شأنها أن تحافظ على حقوق جميع الأطراف" وأن عدد العمال الذين طلبوا الانتقال قليل، وأن من تمت الموافقة فعلاً على طلبهم، أقل. ولم يكن ذلك هو التعليق الوحيد الذي أثار الشكوك حول تطبيق الإصلاحات. فقد شدد على أنه في حين سمح القانون للعمال بتقديم طلب لتغيير صاحب العمل، سيظل الطلب "خاضعاً للموافقة أو الرفض بعد التواصل مع الجهات المعنية."
وعلى مدى الشهور القليلة الماضية، تحدثت Migrant-Rights.org (MR) لعشرات من العمال الراغبين في تغيير وظائفهم، وزودتهم بالإرشادات والإجراءات. ومبدئياً، فهذه الإجراءات سهلة ومباشرة (أنظر المطوية في نهاية هذا التقرير) وفي أغلب الحالات من الممكن إتمام تعبئتها في أربع خطوات جميعها تتم الكترونيا (أونلاين) على الموقع الالكتروني لوزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية:
- املأ استمارة الإشعار الالكتروني؛
- أرسل رغبتك في تغيير الوظائف الكترونيا، والذي سيكون بمثابة إشعار لصاحب العمل الحالي؛
- بمجرد تقييم الاستمارة، سيتسلّم العامل رسالة نصية إما أن توضح التاريخ الذي تنتهي فيه فترة الاشعار، أو رسالة نصية برفض الطلب؛
- إذا ما تمت المعاملة بنجاح، يتوجب على صاحي العمل الجديد في نهاية فترة الإشعار، أن يقوم بعملية استصدار العقد وبطاقة الهوية الشخصية الجديدة؛
وكانت أسباب الرفض التي واجهناها، إما بسبب قضايا رفعها صاحب العمل الحالي (مثل الهروب أو السرقة)، أو بسبب وجود قضايا معلقة ضد صاحب العمل الجديد المرتقب.
خلال الأسابيع القليلة الأولى بعد دخول الإصلاحات حيز التنفيذ، نجح عدد كبير من العمال في ضمان وظائف جديدة.
رد فعل عنيف ضد الاصلاحات
ومع ذلك، كان هناك رد فعل عنيف وصادم ضد الإصلاحات من قبل المواطنين، خصوصاً هؤلاء الذين يديرون أعمالاً صغيرة ومتوسطة، وأيضا من قِبل من يوظفون عاملات منازل. وشملت الانتقادات أعضاء نافذين في المجتمع القطري، بمن فيهم أعضاء مجلس الشورى.
كانت بعض المخاوف التي أثيرت، صحيحة، خصوصاً المتعلقة بصعوبات توظيف عمال جدد من الخارج خلال شهر واحد هو فترة الاشعار، مع الأخذ في الاعتبار قيود السفر المتعلقة بالجائحة في الكثير من دول الأصل. لكن الكثير من الشكاوى كانت حول قدرة الشركات الكبيرة على دفع أجور أعلى، وبالتالي "سرقة" العمال من الشركات الصغيرة. أما أصحاب الأسر الذين يوظفون عاملات منازل فقد وجدوا أن رسوم التوظيف العالية التي يدفعونها سبباً كافياً للاحتجاج على التنقل بين الوظائف. كانت نبرة كل هذه الاحتجاجات متشابهة في انبثاقها من نظام الكفالة.
وتنص الإصلاحات على تسديد رسوم التوظيف من قبل صاحب العمل الجديد لصاحب العمل السابق، إذا ما تم الانتقال خلال فترة التجربة التي لا تتجاوز الستة شهور، على ألا يتجاوز المبلغ الراتب الأساسي لشهرين.
ردود الوزارة
في ردها على الانتقادات، وعدت الوزارة باتخاذ خطوات لحماية حقوق الشركات. وقالت الوزارة أن على العامل اتباع إجراءات معينة لتغيير الوظيفة، و"... مطلوب ارفاق نسخة من خطاب استقالته مع استمارة تقديمه لتغيير وظيفته". وبالإضافة إلى ذلك، ذكر مسئول الوزارة أن توقيع وختم الشركة الجديدة مطلوبات أيضاً عندما يرغب العامل في التغيير.
وقال رئيس مكتب مشروع منظمة العمل الدولية في قطر، هوتان هومايونبور، ل MR أن "المعاملة من خلال وزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية لتغيير الوظائف في قطر، لا تتطلب خطاب استقالة فعلي، إلا أن الحوار بين العمال وأصحاب العمل هو ممارسة جيدة ومهم بشكل كبير لجميع الأطراف."
ومع ذلك، فإن متطلب خطاب الاستقالة، وإن كان ليس بموجب القانون، أصبح هو القاعدة بشكل سريع. وأصدرت إحدى أكبر شركات الخدمات الأمنية في قطر تعميماً رسمياً بهذا المعنى (أنظر الصورة)، تشير فيه إلى مقابلة مع "مسئول كبير". وهذا من شأنه أن يؤدي إلى وضع شبيه بشهادة عد الممانعة، حيث أن بإمكان أصحاب العمل (وهذا ما يحدث فعلا، بناء على الحالات التي اطلعنا عليها) رفض التوقيع أو ختم خطاب الاستقالة كدليل على الموافقة. وبذلك يصبح الإصلاح غير فعال.
تستخدم الشركات، أيضاً، حجة عدم المنافسة، حتى بالنسبة للأعمال التي تتعلق بالوصول إلى التمويل أو الملكية الفكرية، والتي يبدوا هذا البند منطقياً بالنسبة لها. وتشمل الأمثلة التي مرت على MR، عمال شركات النظافة، سائقي التوصيل وعاملات المنازل ممن يحاولون تغيير وظائفهم، والتحويل إما لشركات مشابهة، أو لأدوار شبيهة بما يقومون به.
وعلاوة على ذلك، يصعب الدخول على الموقع الخاص بالإشعار الالكتروني في أغلب الأوقات. وقد حاولت MR والعمال استخدام الموقع في أوقات مختلفة من اليوم خلال أسبوعين، دون أي نجاح يذكر.
وأصبح على العامل حالياً أن يقدم مجموعة من الموافقات (الذي يتطلب عدد من الأختام والموافقات من صاحب العمل الحالي) وأن يحاول تغيير وظيفته بالحضور شخصياً إلى مكاتب وزارة العمل.
وتحدثت MR لمجموعة من المجتمعات الأهلية ومسئولي سفارات دول الأصل الذين عبروا عن مخاوف مشابهة. وفي الواقع فإنهم حالياً ينصحون العمال، خصوصاً عاملات المنازل، بالاستمرار في عملهم الحالي، إذا ما كانوا يحصلون على أجورهم بشكل منتظم ولا يوجد ما يشكل خطورة على حياتهم، لأن البديل لذلك قد يعرض العمال لمخاطر أكبر.
عاملات المنازل
إن ترك موقع العمل، والذي هو في حالة عاملات المنازل هو نفسه مكان إقامتهن، من شأنه أن يؤدي على مواجهتهن تهمة الهروب التي يصعب إلغائها. فتهم الهروب غالباً ما تؤدي إلى الاحتجاز والترحيل. كما أن المآوى غير الرسمية التي تديرها معظم السفارات لا تكفي لإيواء أعداد كبيرة من المهاجرين، ولذلك فهي تثني الراغبات في ترك منازلهم عن فعل ذلك. ويوجد لدى قطر مأوى لضحايا الاتجار، إلا أنه لا يستقبل حالات ترده بشكل انفرادي، كما أنه لا يأوي عاملات المنازل بشكل عام. وخلال الجائحة، أوى عشرات الحالات المحالة من قبل السفارات في الغالب، إلا أن المأوى نفسه لا يوفّر خدمات لمساعدة العمال في التظلمات.
"...وفي الواقع فإنهم حالياً ينصحون العمال، خصوصاً عاملات المنازل، بالاستمرار في عملهم الحالي، إذا ما كانوا يحصلون على أجورهم بشكل منتظم ولا يوجد ما يشكل خطورة على حياتهم، لأن البديل لذلك قد يعرض العمال لمخاطر أكبر."
إنها ليست سوى البدايات
ومع مواصلة قطر في تنفيذ هذه الإصلاحات المهمة وتجاوزها عقبات الفترة الأولية، من المهم التأكد من أن يخدم النظام الفئات الكثر تهميشاً والتأكد من أنه لا يخذل من هم في أمسّ الحاجة إليه.
ومن المحتمل أن تُستثنى عاملات المنازل، ممن يعانون للوصول إلى الآليات الرسمية حتى خلال أفضل الأوقات، من الاستفادة الكاملة من هذه الإصلاحات إذا لم تضع الدولة إجراءات خاصة بهذه الفئة، على أن تأخذ هذه الإجراءات في اعتبارها قيود الانتقال وحواجز اللغة التي تواجهها عاملات المنازل.
وفي الوقت الذي يجب معالجة مخاوف قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وكذلك أصحاب الأعمال، يجب ألا يكون ذلك على حساب قدرة العمال على الانتقال. فمطلب الحصول على رسالة استقالة موقعة من صاحب العمل هي في الواقع شهادة عدم ممانعة.
ومع استئناف عمليات مراكز التأشيرة القطرية في دول الأصل، سيكون بإمكان الشركات التوظيف بحسب احتياجاتهم من الخارج ومن داخل السوق القطرية على السواء. ومن الممكن أن يسهم ذلك بشكل أو بآخر لضمان عدم وجود عقبات في طريق التطبيق الفعال لهذه القوانين.