لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

حملة

تقنين حقوق عاملات المنازل

يُشكّل عمّال المنازل المهاجرين نسبة كبيرة من القوى العاملة في الخليج، ورغم ذلك، فإن قانون العمل لا يشملهم، والتشريعات المتاحة لا تحميهم. فالمهاجرات اللواتي يعملن في المجالات الخاصة في المنازل يتعرّضن للعديد من الممارسات الاستغلالية منها: سرقة أجورهنّ، تشغيلهنّ بشكل مفرط، عدم إتاحة الرعاية الصحيّة لهنّ، بالإضافة لفرض قيود على الحركة والتواصل، وتعريضهنّ للأذى اللفظي والجسدي والجنسي.

لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

> 50%

أكثر من 50% من أصحاب العمل في الكويت لم يوفّروا لعمّال المنازل عقود مكتوبة. وأكثر من 70% من عمّال المنازل لم يكونوا واعين بقانون العمالة المنزلية في 2018. (المصدر: عرب تايمز)

79%

تُشكّل عاملات المنازل في عُمان الأغلبية (بنسبة 79%) من عمالة القطاع الخاص من الإناث. (بوابة البيانات العُمانية)

3.5 مليون

تم توظيف 3.5 مليون من عُمّال المنازل في السعودية بعام 2022، ممثّلين 33% من مجموع المهاجرين في المملكة. (المصدر: جلف نيوز)

$0.30-0.40

يكسب أغلب عُمّال المنازل ما لا يتجاوز 30 حتى 40 سنتًا أمريكيًا، مع حماية محدودة على أجورهم.

الخلفية

تعتمد دول الخليج على عمّال المنازل بشكل يتفوّق على أي منطقة أخرى في العالم، ورغم ذلك، فإن حقوق العمّال لا زالت غير محميّة. لأن عملهم محصور في المنزل، وبسبب نظام الكفالة الصارم، فإن ذلك يجعل من العمّال يعتمدون بشكل كبير على أصحاب العمل ممّا يخلق فرصًا لاستغلالهم، والذي يأخذ أشكالًا عديدة منها:

  • العمل لساعات مفرطة مع فترات راحة قليلة وبدون تعويض عن العمل الإضافي
  • تعددية في المهام ترهق العامل، حيث يتولى العامل عدّة أدوار، فقد يكون مربّي للأطفال، وموفّر للرعاية، إضافةً لمهام الطبخ والتنظيف. 
  • عدم توفير أيام إجازة
  • عدم القدرة على مغادرة المنزل دون إشراف صاحب العمل أو أخذ الإذن منه، هذا إن تمكّن العامل من مغادرة المنزل.
  • الأجور غير المنصفة، أو المتأخرة، أو حتى منع الأجور.
  • الحدّ من قدرة العامل على التواصل بالهاتف أو عن طريق الانترنت، أو منعه عن التواصل كليًّا.
  • العنف الجسدي واللّفظي والجنسي.
  • تدنّي مستويات المعيشة وعدم إتاحة خصوصيّة لهم.
  • التعرّض لإصابات العمل بسبب عدم توفّر إجراءات السلامة.

قامت بعض دول الخليج بسنّ قوانين للعمالة المنزلية، وتحديد عقود عمل موحّدة، كما اتخذت بعض الخطوات لتنظيم عمل ومكاتب التوظيف. ولكن تعاني هذه القوانين من ثغرات لحمايتها، كما أن شروط العمل المذكورة فيها أدنى مقارنةً بقانون العمل. فمثلًا، قدرة عامل المنزل على تغيير عمله محدودة أكثر من العامل الذي يشمله قانون العمل.

هناك ضعف في تطبيق القوانين، كما أن إجراءات تقديم شكوى ضد صاحب العمل ليست في المتناول وغير فاعلة ، مع قلة الموارد المخصصة لدعم العمال الذين يعانون من محنة. فيما عدا بعض حالات التعنيف الشديدة، نادراً ما يُحاسب أصحاب العمل على أفعالهم.

ونتيجةً لذلك، فإن مصير عمّال المنازل تبقى رهينة لأهواء أصحاب العمل، الذين يمتلكون سلطة غير مُقنّنة على وضع العمال القانوني والمعيشي.

في العام 2022، كان هناك 753,165 عاملا منزليا مهاجرا من الذكور والإناث في الكويت، أي ما يعادل حوالي 50٪ من إجمالي المواطنين الكويتيين. (الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت)

العمل المفرط

إن وضع عمّال المنازل ممّن يعيشون مع أصحاب العمل يفرض عليهم أن يصبحوا تحت الطلب في أي وقت، وقد يعملون لمدّة تصل إلى 100 ساعة في الأسبوع. وبالنسبة للبحرين وعُمان، فلا يوجد تحديد لساعات العمل بالنسبة لعمّال المنازل. أما في السعودية فقانون العمل يسمح ب9 ساعات على الأقل من الراحة، وبصيغة أخرى فإنه يسمح بما يصل ل15 ساعة عمل في اليوم.

تُحدّد الكويت والإمارات أقصى عدد لساعات العمل (12 ساعة)، ولكن هذا أيضًا يتجاوز عدد الساعات الأقصى المسموح بها في القطاع الخاص حسب قانون العمل (8 ساعات). وتعتبر قطر الدولة الوحيدة في الخليج التي تحدد في العقد الموحد عدد ساعات العمل (8 ساعات) وتسمح بمدة عمل إضافي أقصاها ساعتين في اليوم.

تشمل قوانين العمل الحالية العمل الإضافي المدفوع في قطر والكويت فقط. ولكن حتى في هذه الدول، يبقى تنظيم شروط العمل ضعيفًا وغير منظمًا وذلك بسبب عدم تطبيق القانون وغياب آليات تقديم الشكوى. أظهر مسح في الكويت في عام 2018 أن ما يقرب من 80٪ من العمال المنازل لم يتلقوا تعويضات العمل الإضافي ويعملون لأكثر من 10 ساعات في اليوم، في حين أن أكثر من 50٪ لا يحصلون على يوم إجازة.

أقصى حدّ لساعات العمل الراحة الإجازة العمل الإضافي
الإمارات 12 ساعة 12 ساعة خلال اليوم، وتشمل 8 ساعات غير منقطعة للراحة يوم واحد أسبوعيًا غير محدّد
السعودية غير محدّدة، ولكن 15 ساعة بناءً على ساعات الراحة المشروطة  9 ساعات يوم واحد أسبوعيًا غير محدّد
الكويت 12 ساعة خلال يوم العمل، وساعة للراحة بعد كل 5 ساعات متواصلة من العمل، و8 ساعات غير منقطعة مساءً، وفقًا للعقد الموحّد. يوم واحد أسبوعيًا أجر نصف يوم لقاء هذه الخدمات، لمدة أقصاها ساعتين يوميًا.
قطر 10 ساعات، وساعتين للعمل الإضافي خلال اليوم للراحة، والطعام والعبادة يوم واحد أسبوعيًا 125% من الأجر العادي لمدة أقصاها ساعتين إضافيتين.
عمان غير محدّد غير محدّد يوم واحد أسبوعيًا غير محدّد
البحرين غير محدّد غير محدّد غير محدّد غير محدّد

 

الأجور المتدنيّة وسرقة الأجور

يعدّ عمّال المنازل من ضمن أفقر سكان الخليج حسب تقرير الأمم المتحدة لسنة 2017. فقط قطر والكويت تنصان على الحد الأدنى للأجور لعمّال المنازل، في حين يجوز لبلدان المنشأ تحديد الحد الأدنى للأجور لمواطنيها. إلى جانب عدم توفّر قوانين تنظّم ساعات العمل، يمكن أن يكون معدل الساعة لهؤلاء العمال منخفضًا حتى 30-40 سنتًا للساعة.

تُعتبر سرقة الأجور أو تدنّي الأجور، الانتهاكات الأبرز من بين ما يوثّقه العمّال في سفاراتهم. توضح التقارير أن عدم الدفع للعمّال لأشهر وأحيانًا لسنوات، هو أمر شائع. رغم أن القوانين تحمي حق العمّال في استلام أجورهم كاملة وفي وقتها المحدّد، الّا أنها ضعيفة من حيث التنفيذ. ولا يُلزم أصحاب العمل بالدفع للعمّال الكترونيًا أو عن طريق أنظمة حماية الأجور التي تحمي العمّال تحت مظلة قانون العمل. هذا يعني أن العامل حتى إذا تمكّن من تقديم شكوى، فإن صاحب العمل يستطيع تكذيبها بحجة عدم وجود دليل، لأنه لا يوجد إثبات الكتروني.

بإمكان أصحاب العمل حرمان العامل من أجره أو اقتطاعه لعدة أسباب، فبعضهم يحاول تعويض كُلفة توظيف العامل، والتي هي في تصاعد في السنوات الأخيرة، وبعضهم يتعمد استخدام ذلك كإجراء تأديبي، أو منع العامل من أجره حتى انتهاء فترة العقد لضمان عدم هروبه. والبعض الآخر يتعمد فعل ذلك ليجبر العامل على العمل إذا انتهت فترة عمله أو إذا كان يرغب في الاستقالة.

 

 

العزلة

تنص القوانين في معظم دول الخليج على إعطاء العامل إجازة ليوم، ولكنها لا توضح ضرورة قضاء اليوم للتسلية أو خارج المنزل. ويمنع أصحاب العمل العمّال من مغادرة المنزل من دون إذن أو مراقبة، تحت تبريرات مغلوطة مثل «حمايتهم للعمّال» أو أنهم مسؤولون عن تصرفات العمّال. في أسوأ الحالات، يحبس أصحاب العمل العمّال في المنزل أو في غرفهم عندما يغادرون خلال اليوم أو في أوقات الإجازات. وهذا يشكل تهديدًا ليس فقط على قدرة العامل على الحركة، والتي تُنتهك بشكل واضح، بل على سلامته في حال وجود أي طارئ. فمثلًا، وجدت عاملة منزل ميتةً بخميس مشيط في السعودية بعد اندلاع حريقٍ في المنزل، حيث كانت حبيسةً هناك.

منع العمّال عن الهواتف والانترنت يعرّضهم لمزيد من الشعور بالعزلة. وإن حرمان العمّال من حقوقهم الأساسية للتواصل والحركة آثار وخيمة على صحتهم النفسية. حيث يكون العمّال المنقطعين عن الاتصال بذويهم ومجتمعاتهم في دولهم الأم، وغير القادرين على الاندماج في بلدان عملهم، أكثر عرضةً للاكتئاب، إضافةً لعدم قدرتهم على الوصول للمساعدة في وقت حاجتهم لها. وقد بينت دراسة عن عمّال المنازل الراقدين في المستشفى في الكويت أن «عاملات المنازل يعانين من الأمراض النفسية أكثر بمرتين إلى خمس مرات من النساء المواطنات.»

العنف الجسدي والجنسي

يؤدي عزل العمّال أيضًا لتعريضهم للعنف الجسدي والجنسي. يستخدم بعض أصحاب العمل الحبس القسري كإجراء تأديبي، ومعاقبة العمال بحبسهم في دورات المياه، والمخازن، لمدّة تدوم إلى أيام في بعض الأحيان. قامت جميع دول الخليج بتوقيع اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل الجبريّ والذي يساوي أي وسيلة للحبس القسري من قبل صاحب العمل مع العمل الجبري. ورغم ذلك، لا تواجه القوانين الحالية هذه المعاملة الشائعة لعمّال المنازل.

يستغلّ بعض أصحاب العمل اعتماد العمّال عليهم في توفير المأكل والمسكن وحتى الصفة القانونية لتعنيفهم واستغلالهم. تعتبر قصص التحرش الجنسي شائعة، رغم أن العمّال يترددون في الحديث عن تفاصيل هذه القصص في أغلب الأوقات. تثير حوادث التعنيف الجسدي، والذي يأخذ نصيب الأسد من الانتهاكات – مثل حادثة قتل جوليبي رانارا وجوانا ديمافيليس في الكويت – صخبًا مؤقتًا، ولكن تبقى ظروف العمل على ما هي عليه. في بعض الحالات، لا يتخذ المسؤولون أي إجراء حتى مع وجود تعنيف جسدي واضح. كانت معاناة جوديث – عاملة منزل كينية عُنّفت بقسوة في قطر – دليل على قلة الحماية القانونية وضعف آليات العدالة التي يواجهها العمّال.

كما يُستثنى عمّال المنازل من قوانين إصابات العمل والتعويض عن الإعاقات، بخلاف العمّال تحت قانون العمل. في أغلب الأوقات، يتم إعادة العمّال الذين أصيبوا بإعاقة نتيجة إصابات عمل لبلدانهم الأم.

العنف اللفظي والصور النمطية السلبية

يعجّ الإعلام الخليجي، وبرامج الترفيه وحتى المحادثات اليومية، بالخطابات التي تسيء تمثيل عمّال المنازل وتحقّرهم. كثيرًا ما يُتهم العمّال بممارسة السحر، والانحراف الجنسي، والأمراض العقلية، وممارسة العنف، بالإضافة للعديد من الصور النمطية العنصرية. يُنظر لعمّال المنازل على أنهم «شرّ لابدّ منه،» ويُستخدم ذلك لتفسير ازدياد الحاجة لهم رغم النظرة السلبية عنهم. 

يتعرض الكثير من عمّال المنازل إلى العنف اللفظي المدمّر نفسيًا من قبل أصحاب العمل مثل الصراخ عليهم، التقليل من شأنهم، إهانتهم، وتهديدهم. قالت عاملة منزل في الكويت إلى هيومن رايتس ووتش «صاحب العمل يناديني دومًا بالكلبة، الحمارة، وكأنني لم أعد بشرًا.»

الإجراء المقترح

حكومات دول مجلس التعاون الخليجي

من أولى الخطوات المهمة التي من شأنها ضمان حقوق متساوية لعمّال المنازل، هي إدراجهم تحت قانون العمل. يجب تنفيذ ذلك بمبادرات تناسب سياق العمل المنزلي، مثل حملات الخدمة العامة لمجابهة المناظير السلبية للعمل المنزلي وعمّال المنازل المهاجرين، واتباع نماذج حديثة للتوظيف مما لا يضطر العمّال للعيش مع أصحاب عملهم، وتنظيم أكبر لعملية التوظيف.

بلدان المنشأ

بينما تتحمل الدول التي توظّف العمّال المسؤولية الأكبر في حمايتهم، هناك إجراءات مهمة تستطيع دول المنشأ تبنّيها لإعداد العمال وحمايتهم. ينبغي تفادي الحظر الشامل لهجرة عمّال المنازل في كل الأحوال، وذلك لأنه يشكّل خطرًا أكبر على العمّال. حظر شامل لهجرة يحجم حرية الحركة، ويفتح الباب أمام الهجرة غير الشرعية التي تخلق مشاكل لا حصر لها، بالإضافة لفشله التاريخي في تحقيق أي منافع لعمال المنازل.

لأصحاب العمل

يجب على أصحاب العمل معرفة واجباتهم القانونية، والحرص على تمتّع موظّفيهم بالمعيشة الكريمة وظروف العمل الملائمة.

توصياتنا إلى حكومات الخليج

توقيع اتفاقية 189 الخاصة بالعمل اللائق لعمّال المنازل وإدماج بنودها في قوانين العمل المنزلي المحلية.

إنشاء فرق عمل محلية للتفتيش ومراقبة ظروف العمل داخل المنازل وتدريب المسؤولين لتقصي حالات العمل الجبري والعبودية الحديثة.

شمل عمّال المنازل في أنظمة حماية الأجور، ومعاقبة أصحاب العمل المتخلّفين عن دفع الأجور في وقتها المحدد. التأكد من استلام العمّال مستحقات نهاية الخدمة قبل عودتهم لمواطنهم.

عدم السماح لأصحاب العمل ممّن لهم سوابق في التعنيف من توظيف عمّال منازل جدد.

إلغاء قوانين الهروب، والسماح لعمال المنازل بتغيير أصحاب العمل بسهولة أكبر او بنفس شروط قانون العمل، كحد أدنى.

إنشاء ملاجئ آمنة، وتوفير ما يمكّن العمّال الذين يحبسون داخل بيوت أصحاب العمل من الوصول للعدالة.