كانت المدن في الإمارات من الأوائل في الخليج التي أعلنت قرارات الإغلاق داخلياً وأيضا إغلاق حدودها مع العالم الخارجي. كما أنها الأولى في فتحها البطيء، كإشارة واضحة على أن الوضع قد بدأ في التحسن. ولكن لاتزال الكيفية التي سيغادر بها العمال المهاجرين الذين يشكلون 80% من عدد سكان الإمارات البالغ عددهم 9,6 مليون نسمة، غير واضحة. ولم تقتصر معاناة العمال المهاجرين من متدنيي الدخل على كونهم الأكثر تضرراً من إغلاق الأعمال وخسارة قوتهم اليومي بسبب أوامر البقاء في المنزل، بل أن البعض عانى من الحصول على الرعاية الطبية المناسبة.
التداعيات المالية تهدد الغذاء والمأوى
أخبر عدد من العمال "Migrant-Rights.org" أنهم غير قادرين على شراء المواد الغذائية ودفع إيجارات مسكنهم بسبب تداعيات الجائحة. البعض منهم يكسب قوته بشكل يومي، كعمال النظافة، الذين يعتمدون على حرية الحركة للكسب، بينما البعض هم من العاملين في الأعمال غير الضرورية التي شملتها أوامر الإغلاق. كما أن بعض العمال كانوا يعانون من مشاكل سابقة خاصة بالأجر وتفاقمت بسبب الأزمة. وبرغم أن نظام الشكاوى ظل مفتوحاً، إلا أن التجاوب ظل بطيئاً وغير فعالاً.
يعيش العديد من العمال المهاجرون من ذوي الدخول المتدنية في عقارات مؤجرة بالباطن حيث يدفعون الإيجار لمهاجر آخر فيما يتشاركون، نظير ذلك، في أماكن ضيقة ومكتظة. وفي حالات أخرى يدير وسطاء مهاجرون تأجير شقق سكنية يتم اتخاذها كمساكن للعمال لصالح مالك إماراتي. وأحياناً يكون التأجير هنا فقط لمساحة سرير وقد يشمل استخدام المطبخ. وفي كلتا الحالتين فإن التعامل يتم مع مهاجر آخر يعتمد هو نفسه أيضاً على هذا الإيجار من أجل البقاء.
وأصدرت دبي تعليقاً لأحكام الإخلاء في المرافق السكنية والتجارية، إلا أن العمال من ذوي الدخول المتدنية ليس لديهم أهلية المطالبة بحقوقهم. ومع عدم التعليق لرسوم الإيجار الحقيقية، فإن الملّاك يهددون بالإخلاء بشكل روتيني. ولا يوجد مأوى ليلجأ إليه العمال الذين يصبحون بلا مأوى، في الوقت الذي أصاب السفارات والمؤسسات الخيرية ارباكا بسبب الزيادة الكبيرة في الحاجة على هذه الخدمات، وأخبر مسئول في إحدى السفارات، "Migrant-Rights.org"، أنه ورغم أن مأوى السفارة مفتوحاً وعاملاً إلا أنه ليس بإمكانهم استقبال حالات جديدة كثيرة خوفاً من انتقال العدوى. كما أن مآوى الحكومة لضحايا العنف المنزلي والاتجار بالبشر قد تم إغلاقها مؤقتاً.
تواجه جمعيات الشتات، التي غالبا ما تتقدم لإغاثة مواطنيها، صعوبات في سعيها للاستجابة للأعداد الكبيرة من الحالات التي تردها في الوقت الذي يطبق فيه البقاء في المنزل والحجر الصحي. وقد يؤدي تخفيف القيود على التنقل وإعادة فتح الأعمال هذا الأسبوع في عودة بعض العمال إلى أعمالهم، ويقلل من العوائق اللوجستية التي تواجه تقديم الدعم. ومع ذلك سيظل عدد كبير من العمال المهاجرين عاطلين عن العمل بسبب استمرار إغلاق قطاع الضيافة والقطاع الأخرى التي تضررت بشكل كبير في هذه الأزمة. وستستمر انعكاسات التأثير المالي على العمال المهاجرين حتى بعد فتح الاقتصاد، ويتضح ذلك من القرار رقم 279 لوزارة الموارد البشرية والتوطين (MOHRE) الذي يسمح للشركات بتعديل العقود من طرف واحد لغير المواطنين فقط، ذلك رغم أن نص القرار ينص على صاحب العمل والعامل يجب أن يوافقا بـ “شكل متبادل" على الإجازة غير مدفوعة الأجر أو خفض الأجر، إلا أن غالبية العمال ليسوا في وضع يسمح لهم بالتفاوض.
عدم المساواة في الوصول للرعاية الصحية ونقص في الإبلاغ
تم الإبلاغ عن وجود فروقات في علاج المصابين لكوفيد19، ففي حين أن الفحص والعلاج يُقدمان بشكل مجاني، إلا أن فرص العمال متدنيي الدخل أقل في الوصول إلى هذه الرعاية.
في إحدى الحالات، طُلب من مجموعة من العمال الذين تأكّدت إصابتهم بالفيروس، عزل أنفسهم ذاتياً في غرفتهم. وبرغم من أن حالتهم ساءت فيما بعد، وعانوا من صعوبة في التنفس لعدة أيام، إلا أن مسئولي الصحة لم يقبلوا أخذهم إلى المستشفى. ووفقاً لمصادر ميدانية، فإنه يتم أخذ المواطنين الذين يصابون بالفيروس، فوراً إلى مرافق العلاج بغض النظر عن شدة الأعراض التي تبدو عليهم.
وغطى مليون فحص أجرته الإمارات حتى الآن، أكثر بقليل من 10% من السكان، وتم تسجيل 9,814 إصابة و100 وفاة حتى 26 ابريل.
إلا أن ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد19 بين المهاجرين الذين عادوا إلى بلدانهم الأصل من دول الخليج تشير إلى أن الإحصاءات الرسمية ربما لم تعكس الصورة بشكل دقيق. وكما كتبت MR سابقاً، فإن أوضاع الأماكن المكتظة التي يعيش ويعمل فيها غالبية المهاجرين تجعلهم أكثر عرضة لخطر الإصابة، وبالإضافة إلى ذلك فإن المهاجرين يشكلون الغالبية العظمى من العمال الذين عليهم الاستمرار بالعمل.
الإعادة إلى الوطن
تم تمديد تأشيرات الإقامة تلقائياً حتى نهاية 2020 لجميع الأجانب ممن انتهت صلاحية تأشيرتهم بعد 1 مارس، إلا أن الجهود جارية لإعادة آلافاً من العمال الذين أصبحوا الآن عاطلين عن العمل. وتقاوم بعض دول المنشأ هذه الجهود إما بسبب كونها تحت الاغلاق وليست على استعداد لفتح مطاراتها، أو لأنها تفتقر إلى القدرة لتقدم خدمات الفحص، والحجر الصحي لأعداد كبيرة من الأشخاص المتدفقين لها. وهددت الإمارات من تبعات عدم تعاون دول المنشأ، بما في ذلك "فرض قيود مستقبلية على توظيف العمال من هذه الدول، وتفعيل نظام "الكوتا" في عملية التوظيف. وتتضمن الخيارات أيضاً تعليق مذكرات التفاهم الموقعة بين الوزارة والجهات المعنية في هذه الدول."
وقد تم، حتى الآن، إعادة 30 ألف أجنبي، نصفهم من آسيا وأفريقيا. ويشير رسم بياني انفوغرافي رسمي أصدرته وزارة الشئون الخارجية والتعاون الدولي إلى الدول المستقبلة على أنها "أخوية وودية" على تعاونها. كما تنسق السلطات أيضاً لعودة العمال الباكستانيين هذا الأسبوع. ويزيد عدد المهاجرين المسجلين لدى السفارة الباكستانية عن 40,000 شخص، إلا أنه ليس من المعروف أن كان جميعهم سوف يعودون إلى وطنهم. ومع استئناف عدد قليل من الرحلات الجوية هذا الأسبوع وإعادة فتح مكاتب الهجرة، يسعى عدد من السفارات إلى إعادة مواطنيها العالقين وأولئك الراغبين في المغادرة.
حملة تأشيرة الزيارة
في أغلب الحالات، تسمح الإمارات بتحويل تأشيرة الزيارة إلى تأشيرة عمل. واعتُبر هذا الأمر ميزة في السابق، إذا يسمح للعامل باستكشاف سوق العمل والبحث عن وظيفة، بدلاً عن الدخول بعقد من الخارج. ومن الممكن أن يتعرض العامل للاحتيال بالحصول على وعد بالعمل مع البقاء على تأشيرة الزيارة – مع وجود كثيرين لا يمكنهم التمييز بين تأشيرة الزيارة وتأشيرة العمل – وينتهي بهم الأمر عالقين بدون وظيفة كما كتبت "Migrant-Rights.org" مؤخراً.
وبينما تم تمديد التأشيرات حتى نهاية العام لجميع هؤلاء المنتهية تأشيرتهم بعد 1 مارس، إلا أن تأشيرات العمال المهاجرين تواجه صعوبة في الاستفادة من ذلك. فهؤلاء الذين خدعوا بأعمال وهمية أو بعروض عمل مضللة، أصبح عليهم تدبير أمورهم المتعلقة بالإيجار وتوفير الغذاء والاحتياجات الأساسية. وقد أدى إغلاق المكاتب الحكومية إلى إبطاء عملية تقديم الشكاوى المعقدة أصلاً، والتي لا تعتبر شكواهم ضمن الانتهاكات العمالية لأن تأشيرة هؤلاء غير مصنفة كتأشيرة عمل.
اللوائح "الضرورية" للعمل وللقطاعات
أصدرت الإدارة الاقتصادية بدبي بروتوكولات وقيود خاصة بقطاع الإنشاءات (الذي يعتبر قطاعاً حيوياً)، تتضمن الزامية استخدام معدات الوقاية الشخصية. وليس من الواضح كيف سيتم موازنة استخدام معدات السلامة الحيوية هذه في درجات الحرارة العالية في البلاد.
والأهم، أنه تم تقديم توصيات خاصة لعاملات المنازل. فيجب تزويد عاملات المنازل بمعدات وقائية في حالة وجوب تعاملهم مع أي شخص خارج المنزل أو استلام الطرود أو التعامل مع عمال التوصيل. كما أن مراكز تدبير لم تعد تقدم خدمات العمالة المنزلية مع الإقامة الخارجية. إلا أنها لاتزال توظّف عاملات المنازل المقيمات.
إن الطبيعة الفيدرالية للإمارات العربية المتحدة التي تضم 7 إمارات، بالإضافة إلى الكثير من المناطق الحرة ولكل منها أنظمتها الخاصة، وقوانينها وتشريعاتها تجعل من الصعب تطبيق استراتيجية موحدة لمواجهة كوفيد19.