رغم الإصلاحات، التنقل بين الوظائف لايزال سراباً في قطر و عمال المنازل هم الأكثر تضرراً
بعد مرور عام على تطبيق إصلاحات عمالية كبيرة في قطر، لايزال تغيير الوظائف عملية صعبة ومكلفة، مع مطالبة أصحاب العمل العمال بدفع مبالغ ضخمة. ويتعارض ما تحويه الرسائل المكتوبة للعمال مع ما يقال لهم في موقع وزارة العمل. وتعتبر المهاجرات هن الأكثر تضرراً من هذا الغموض خصوصاً عاملات المنازل
"كنت أبحث عن مربية، وكانت لدى المربية التي تعمل في منزل جارتي، قريبة تعمل في قطر لمدة 5 سنوات وترغب في تغيير وظيفتها. فقدمنا لها عرض، اعتقاداً منا أنه تغيير الوظيفة قد اصبح سهلاً الآن. لكن صاحب العمل الذي تعمل لديه حالياً طلب منها 15,000 ريال قطر في مقابل السماح لها بتغيير وظيفتها. "
"قالوا أن WISA شركة حكومية وبالتالي فلن أحتاج لشهادة عدم ممانعة."
"ذهبت إلى برج هدى (حيث تقع وزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية) وأخبروني أنني بحاجة لخطاب استقالة موقع ومختوم من الشركة التي أعمل لديها). "
"صاحبة العمل (المدام) تقول إنها ستطردني من العمل وتقوم بترحيلي إذا ما عملت لدى عائلة أخرى حتى بعد انتهاء عقد عملي. وتقول إنها ستحرمني من مكافأتي".
"طلب صاحب عملي السابق من صاحب عملي الجديد دفع 10,000 ريال قطري ليعطيه جوازي. لم يعطني صاحب عملي السابق مكافأة نهاية الخدمة لثلاث سنوات ولايزال راتبي لنصف شهر معلقاً."
بعد مرور عام على إدخال قطر لإصلاحات كبيرة على في مجال التنقل بين الوظائف، يتم سد الثغرات فيه ببطء، ولايزال ما هو موجود على الورق بعيداً كل البعد عن الممارسات. وتعتبر العاملات المهاجرات هن الأكثر معاناة في الاستفادة في الإصلاحات خصوصاً عاملات المنازل والعاملات في قطاع التنظيفات.
وعلى مدى العام الماضي، سجلت Migrant-Rights.org حالات عديدة لمعاناة نساء مهاجرات في تغيير وظائفهن. وفي حين أن وضع عاملات المنازل، تحديداً، غير موات لاستخدام النظام، فإن الغموض المستمر في متطلبات تغيير الوظيفة جعل الأمر صعباً على جميع العمال.
نان*، شابة جاءت من شرق أفريقيا إلى قطر في بداية 2019، لتعمل لدى إحدى الأسر كعاملة منزل إلى جانب عاملة أخرى. حاولت التقدم بشكوى بسبب عدم احتمالها العمل لساعات طويلة، والتعرض للإساءة اللفظية، واستلامها لأجر يقل كثيراً عما وُعدت به، ثم تركت منزل الأسرة في نهاية الأمر في نهاية 2020. خلال فترة وجودها، لم تصدر لها بطاقة شخصية قطرية، ولم يكن جواز سفرها بحوزتها. وبرغم حصولها على عروض للعمل، إلا أنها لم تتمكن من تغيير عملها رسمياً بسبب وضعها النظامي. تقول نان:" تعلم الوزارة بالأمر، وحاولوا التكلم مع بابا (صاحب العمل)، لكنني أعتقد أنه يعمل في الشرطة، ولا أحد يستطيع المساس به". فواصلت الإقامة والعمل في قطر بشكل غير نظامي. وبرغم حصول نان على بعض المساعدة من وزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية، إلا أن سفارتها حثتها على العودة إلى منزل صاحب العمل حتى تنتهي مدة العقد وتعود إلى وطنها.
أما ميل* فقد جاءت إلى قطر في مايو 2018، وعملت لدى أسرة كبيرة في منطقة مطار الدوحة القديم. وبرغم أنها كانت تحصل على الراتب المتفق عليه في العقد شهرياً، إلا أنها لم تحصل على يوم إجازة أسبوعية وكانت تعمل على مدار الساعة. وبعد انتهاء عقدها، طلبت العودة إلى بلادها. وتقول:" أخبرني بابا (صاحب العمل) أن مدة العقد هي ثلاث سنوات، وأخبرته إن عقود جميع العاملين في الخارج سنتين، لكنه رفض، وبعد ذلك تفشى كوفيد فقال أنه لا يمكنني المغادرة الآن."
لم يكن لدى ميل رقم هاتف حتى وقت حصولها على التطعيم. "فقط من أجل التطعيم، أعطوني هاتف وبطاقة اتصال (متطلب لتشغيل تطبيق احتراز). في أبريل هذا العام، قمت بالتواصل مع مجموعة على الفيس بوك، وقاموا بدورهم بالتواصل مع مكتب الفلبين للعمل في الخارج POLO OWWA"
وعندما، بدورهم، قاموا بمناشدة صاحب العمل بتسوية مستحقاتها وإعطائها تذكرة للعودة إلى بلادها، اتخذ الوضع منحى آخر.
"قاموا بطردي خارج منزلهم، وجلبوا "خدامة" أخرى... لم يعطوني بطاقة الهوية أو جواز سفري أو مكافأتي بالإضافة إلى أجر 15 يوم عمل."
حصلت ميل، بمساعدة مجموعة الدعم، على عمل في منزل آخر. "حاول صاحب العمل الجديد طلب جواز سفري وبطاقة الهوية من بابا (صاحب العمل السابق) لتغيير العمل، لكن "بابا" طلب منه 10,000 ريال قطري (2750 دولار أمريكي). هذا مبلغ كبير ولست متأكدة إن كانوا سيدفعون له هذا المبلغ برغم أنهم أعطوني بعض الأمل بذلك."
وبرغم أنها قدمت شكوى لدي مكتب الفلبين للعمل في الخارج (POLO) في قطر، لكنها تتردد في الذهاب لوزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية بدون بطاقة الهوية القطرية وجواز السفر.
وبناءّ على الحديث مع عمال وأصحاب عمل محتملين، فإن أصحاب العمل يطلبون ما بين 6000 ريال قطري (1650 دولار أمريكي) إلى 15,000 ريال قطري (4100 دولار أمريكي) للسماح للعامل بتغيير وظيفته. ويعتمد ذلك على جنسية العامل، بالإضافة إلى التنازل جميع المستحقات. وبحسب اللوائح، فإنه يتوجب على صاحب العمل الجديد تعويض صاحب العمل السابق إذا ما أراد العامل تغيير الوظيفة أثناء فترة الاختبار في العقد، بما لا يتجاوز أجر شهر واحد. ويبلغ معدل الأجر الشهري 1000 ريال قطري (272 دولار أمريكي) بالإضافة إلى الإقامة والطعام (أو علاوة قدرها 500 ريال قطري و300 ريال قطري على التوالي).
"جميع أصدقائي وزملائي الذين حاولوا تغيير وظائفهم حصلوا على الرسالة نفسها من وزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية. وهي أننا نحتاج خطاب استقالة موقع ومختوم من قبل صاحب العمل. شركاتنا لا تعطينا ذلك. إنهم يطلبون المال أو يخبروني أنهم لن يدفعوا مستحقات نهاية الخدمة."
المبدأ مقابل الممارسة
يعتمد أغلب العمل المهاجرين خصوصاً عمال المنازل على الكلام المتداول من خلال شبكاتهم الاجتماعية. والحديث الأكثر تداولاً بينهم أن شهادة عدم الممانعة لاتزال متطلباً، وأن حالات ترحيل العمال من قبل أصحاب عملهم عند تحديهم لهم، أكثر حدوثاً من الخطاب الرسمي من قبل الحكومة.
ولا يعود لك لقلة الثقة أو عدم وجودها تجاه الآليات والقنوات الرسمية، ولكن أيضاً بسبب الرسائل المتعارضة في الوسائل الإعلامية والوزارة نفسها.
ففي نوفمبر الماضي، بعد أسابيع فقط من دخول الاصلاحات حيز التنفيذ أكّد مسئول كبير في وزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية على إلزامية خطاب الاستقالة الموقع والمختوم من قبل صاحب العمل الحالي، للمضي في عملية تغيير الوظيفة. وجاء البيان في رد على معارضة شديدة من قبل فئات متنفذة من المجتمع القطري، بمن في ذلك مجلس الشورى.
ومع ذلك، فقد قال رئيس مكتب منظمة العمل الدولية ILO في قطر، آنذاك، إن الرسالة بالكاد كانت من الممارسات الحسنة وليست متطلباً. وحتى الآن، لا يذكر موقع الوزارة الالكتروني، ولا الرسائل الصادرة عنها أن هذا متطلباً. وفي الواقع العملي، فإن صاحب العمل هو من يفرض، وأصبحت رسالة الاستقالة، واقعاً، هي شهادة عدم الممانعة، كما ذكرت MR في وقت سابق.
إن الرسال الرسمية على الورق (أنظر الشريط الجانبي لما قدمته منظمة العمل الدولية ILO في هذا السياق)، تنافس التجارب المعاشة على أرض الواقع. وهي أيضا في الغالب يتم تعزيزها من قبل البعثات الديبلوماسية للبلد، والتي تنصح مواطنيها بعدم التصادم. كما في حالة نان.
قالت جين* التي تم ترحيل قريبتها بعد أن قام صاحب العمل بتقديم شكوى مضادة في حقها، إن زميلاتها يخفن من تقديم شكوى عبر الانترنت لأن ذلك قد يُغضب أصحاب عملهن. وتضيف: "ليس فقط عاملات المنازل (الخادمات)، وإنما أيضا العاملات في شركات التنظيفات والضيافة. فالمشكلة أن الشركة تطلب مبالغ مالية في مقابل الحصول على شهادة عدم الممانعة، ومن تبعات ذلك أننا نعود إلى بلداننا. نحن نواجه مشكلة الحصول على خطاب استقالة مختوم. وعندما نذهب على الوزارة، يصرون على خطاب الاستقالة مختوما وموقعاً وإلا فإنهم لن يقوموا باستكمال إجراءات الطلب."
بالنسبة للنساء المهاجرات، فإن مواجهة صاحب العمل يعني المخاطرة بالبقاء دون مأوى. وتتساءل جين: "يصعب على النساء الحصول على مكان إقامة. فقد نُسجن لو وجدونا نقيم مع أشخاص آخرين. ومن أين لنا المال الذي يمكّننا من دفع الإيجار."
"حاولت التقدم بشكوى، وحاولت ما بوسعي لتغيير وظيفتي. لكنني الآن في بلدي (الفلبين) فيما تقول صاحبة العمل (المدام) أنني ممنوعة من العودة."
الشركة القطرية للحلول العمالية WISA تمنع تغيير الوظيفة
ليس فقط أصحاب العمل الأفراد وشركات القطاع الخاص الذين يقمعون التنقل بين الوظائف. فقد دأبت الشركة القطرية للحلول العمالية، وهي مملوكة للحكومة القطرية التي تقدم خدمات العمال المنزليين المقيمين خارج منازل الأسر، على رفض طلبات العمال لتغيير وظائفهم.
سيتا*، مواطنة نيبالية تم توظيفها من موطنها في مارس 2019 بعقد من WISA للتنظيفات العامة. "استكملت مدة عقدي، وأردت تغيير وظيفتي لأنني حصلت على راتب أفضل. لكن الشركة أخبرتني أن ذلك غير مسموح به. وأنهم يسمحون فقط لم يتم توظيفهم في قطر بتغيير وظائفهم."
وتكررت تجربة سيتا مع كثيرات من زميلاتها اللاتي تحدثت إليهم MR.
وتوظف WISA حالياً نحو 300 موظفاً غالبيتهم من كينيا، واثيوبيا، والنيبال. وربع هؤلاء من النساء والبقية ذكور في وظائف سائقي سيارات. وقبل تفشي الجائحة، كان لدى الشركة ما يقارب 500 موظف. وقد تم انهاء خدمات عديدين منهم، فيما أعطي من تم الإبقاء عليهم، إقامة وراتب أساسي فقط. وبحسب أحد العمال، فإن الشركة تسعى حالياً لتوظيف مزيداً من العمال بسبب زيادة الطلب على خدماتها.
وغالبيتنا نحن الـ 300 موظف العاملين في الشركة الآن، تم توظيفنا من الخارج وليس محلياً. وبذلك فنحن غير مسموح لنا بتغيير وظائفنا. وهم يقولون: “إن الأمر يعود إلى أنها شركة حكومية."
وأضح مسئول، تحدثت إليه MR، أن قواعد تغيير الوظيفة تنطبق على كل الشركات بما فيها العاملة في القطاع العام. وقال: “إلغاء شهادة عدم الممانعة يسري على جميع العاملين بمن فيهم العاملين في القطاع العام، ومع ذلك، فإن اللوائح لإنهاء الخدمة تتفاوت. فللعمال في القطاع العام، ينظم إنهاء الخدمة، القانون رقم 15 لعام 2016، وقرار مجلس الوزراء رقم 32 لعام 2016."
قال ممثل عن الاتحاد الدولي لعمال المنازل (IDWF)، وهو يعمل عن كثب مع منظمة العمل الدولية والحكومة القطرية، لـ MR، أنها سيواصلون مراقبة الوضع والعمل على مقربة من وزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية للنظر في ممارسات المطالبة بشهادة عدم ممانعة NOC لتغيير الوظيفة. "إذا كانوا يريدوننا أن نعتقد أن نظام الكفالة قد أُلغي، فنحن نوصى الوزارة بتذكير أصحاب العمل، من خلال قنوات الإعلام الرئيسية، بأنه يتوجب عليهم أن يعملون بشكل مواز لرؤية دولة قطر لتحسين أوضاع العمال المنزليين المهاجرين. الحق في تغيير الوظيفة يعتبر حقاً للعمال المهاجرين. وعلى الوزارة أن تفرض عقوبات أكثر صرامة على المخالفين".