المئات من عمال كأس العالم ينظّمون احتجاجاً ويظلون بلا رواتب وفي حالة من العوز
سوء إدارة وتنفيذ العقود والتأشيرات قصيرة الأجل تفاقم محنتهم
يشتكي العمال الذين عملوا في مجال الأمن خلال فترة كأس العالم 2022 في قطر من أنهم لم يتسلموا رواتبهم، وأن الكثير منهم أصبحوا بلا مأوى.
وتحدث عمال للتلغراف وجوسيمر فوتبول عن أوضاع العمل والمعيشة البائسة التي عانوا منها. وأغلب هؤلاء الذين تضرروا يعملون في حراسة الأمن، وتم توظيفهم من قِبل شركة Stark Security Services، و Festival Global Management، وعملوا في المركز الإعلامي ومواقع أخرى أثناء كأس العالم.
ذكرت صحيفة التلغراف إن المئات من العمال تظاهروا للاحتجاج على عدم تسلم أجورهم، وعلى إنهاء عقودهم بشكل غير عادل. وبحسب الصحيفة، فإن «هذا الاحتجاج يأتي بعد أن طفح الكيل بالعمال بعد نزاع عمالي لفترة طويلة ويشمل عمالا طردوا من عملهم قبل انتهاء عقودهم، ومدتها ستة شهور، للعمل في كأس العالم. وتُرك هؤلاء بلا رواتب، وبلا علاوات ومكافآت، كما حرموا من الحصول على مكان للعيش فيه – مما أجبرهم على السكن في مساكن إقامة العمال التابعة للشركة.»
وأضافت الصحيفة أنه في أعقاب الاحتجاج، تم اصطحاب العمال إلى مكان إقامتهم لبدء إجراءات الترحيل. وبلغ عدد العمال المشاركين نحو 1000 عامل كانوا قد نظموا الاحتجاجات في الأصل بسبب أجورهم ومكافآتهم المتأخرة.
وبدأت الخلافات تنشب خلال البطولة عندما طُلب من العمال توقيع عقوداً جديدة. ثم تصاعدت الخلافات بعد انتهاء فعاليات كأس العالم، عندما اكتشف الكثيرون ممن وظفتهم شركة Stark Security من خلال المقاول الرئيسي، شركة Festival Global، أن عقودهم الأصلية ومدتها ستة شهور قد تم وقفها. وفي ذروة النزاع بين الأطراف شوهد 1000 عامل يحتلون سكن العمال ويرفضون مغادرته مالم يتم تسليمهم أجورهم المتأخرة ومكافآتهم.
من المقدر أن فقط 100 من أصل 1000 الذين احتلوا سكن العمال منذ 20 ديسمبر، لايزالون معسكرين في الخارج في مخيم بروة البراحة، وهو السكن الذي وفرته الشركة (اعتبارا من 24 يناير 2023).
بالإضافة إلى ذلك، كتبت التلغراف أن العمال أجبروا على التوقيع على بيان يعلن أنهم لم يعودو مستحقين لأي أجور في مقابل تعويضات ضئيلة.
ويقول تقرير نشر في Josimar Football نقلا عن عمالٍ:
«ليس لدينا طعام، ولم نأكل أي شيء منذ يومين. المحكمة لا تأخذ أي إجراء (في مسألة أجورنا غير المدفوعة). ليس لدينا أي شيء».
بعد مرور شهر على انتهاء فعاليات كأس العالم، لا يرى العاملان المهاجران ديفيد (17 عاما) وبول (18 عاماً) من غرب أفريقيا، مخرجاً لأزمتهما: ليس لديهم مالاً، ولا طعاماً، كما طُلب منهم ترك مكان إقامتهم.
(...)
ظل المراهقان، على مدى شهور، تحت رحمة صاحب عملهم، شركة Stark Security، التي كانت تقدم الأيدي العاملة خلال فترة كأس العالم، وكذلك خلال كأس العرب 2021. وقفوا في ملعب 974 حيث رقصت البرازيل بعد أن هزمت كوريا الجنوبية، وحيث هزم ليونيل ميسي والأرجنتين، بولنده 2-0 في طريقهم نحو التتويج. ولكن في الوقت الذي كانوا يحرسون الملاعب ومراكز تجمعات كأس العالم الأخرى، بما في ذلك المركز الإعلامي، لم يكن ديفيد وبول جزءا حقيقيا من السحر والتألق الذي ظهرت به قطر للعالم خلال الأسابيع الرياضية الرائعة.
(...)
منذ بداية يناير، أوقفت شركة Stark Security الطعام عن ديفيد وبول وعمال آخرين ممن هم على عقود قصيرة الأجل. ومع استمرار عدم دفع الأجور والمكافآت، خرج النزاع العمالي عن السيطرة: فتحدى العمال شركة Stark Security بشكل علني في وسط مدينة الدوحة. إلا أن تحديهم لم يدم طويلاً. فقد داهمتهم الشرطة، وواجهوا جميعاً – نحو 400 عامل – الترحيل. يشار هنا، إلى أن السلطات القطرية لا تستجيب للاحتجاج.
(...)
في يوم الإثنين الموافق 23 يناير، كان على ديفيد وبول ومارك إخلاء غرفهم الضيقة. وتُركوا في الشارع ومعهم متعلقاتهم الشخصية القليلة وفرش للنوم. أمطرت السماء في ذلك اليوم وانخفضت درجات الحرارة ليلاً. ومع عدم وجود مكان يذهبون اليه، وعدم وجود أية ضمانات للحماية، خشي المراهقان أن يتم احتجازهم وترحيلهم. نام المراهقون لثلاث ليالِ في أوضاع صعبة.
يقول بول: «أخونا الأصغر معنا – وأنا أخشى عليه ألا يحتمل الجو البارد والجوع».
مشكلة متفاقمة
في الفترة التي سبقت كأس العالم، بدأت قطر توظيف العمال بتأشيرات قصيرة الأجل لتلبية الحاجة المؤقتة والمتزايدة للعمال، لاستكمال إنشاءات مشاريع البنية التحتية، وكذلك للعمل في قطاعي الضيافة والأمن خلال فترة المباريات. وقد أجبر العديد من هؤلاء العمال على العودة، كما ذكرت تقارير Migrant-Rights.Org في وقت سابق.
وكانت التأشيرات والعقود قد صدرت كجزء من «تصريح الدخول الاستثنائي» تحت مظلة لجنة إدارة الأزمات، التي تأسست في 2020 برئاسة رئيس الوزراء ووزير الداخلية، من أجل إدارة الأزمات والكوارث.
وانتشر سوء استخدام هذه التأشيرات والعقود قصيرة الأجل، كما ذكرت تقارير MR، بما في ذلك تجاوز لوائح مركز قطر للتأشيرات، الأمر الذي أدى إلى استغلال كبير للعمال وبالتالي قاد ذلك إلى أعداد متزايدة من الاعتصامات والاحتجاجات.