شهدت دول الخليج موجة جديدة من حملات الاحتجاز والترحيل للمهاجرين خلال الشهور الأخيرة، خصوصا في الكويت، وعمان، والبحرين، والسعودية. ويفيد مسئولون بشكل أسبوعي عن احتجاز مئات من المهاجرين في عمليات التفتيش والمداهمات. ويتم توقيف أغلب العمال بسبب وثائقهم غير الصحيحة أو منتهية الصلاحية، ولكن أحياناً، يتم توقيفهم أيضاً بسبب انتهاكات «غير محددة» لقانون العمل، وحتى بسبب انتهاكات مرورية. ويكون هؤلاء العمال الذين يتم توقيفهم في هذه الحملات عرضة للترحيل الإداري، ولا يكون لديهم الوسائل أو الفرصة للطعن في قضاياهم.
كذلك يتم الاحتجاز والترحيل أسبوعيا في عمان، حيث تبدو الجهود مركزة على استبعاد العمال الأجانب من الوظائف المخصصة للعمانيين. ويقال إن أغلب العمال المهاجرين محتجزون بسبب «انتهاكهم قانون العمل»، وكذلك بسبب العمل في مهن مختلفة عن تلك التي وردت في تأشيراتهم. وتفرض القوانين العمانية معاقبة صاحب العمل/الكفيل إذا ما قام بتوظيف مهاجرين في الوظائف التي تم توطينها، أو بشكل غير نظامي، إلا أن التقارير لا تشير إلى أية عواقب يتعرض لها الكفيل جراء مخالفته.
وفي البحرين، ذكرت هيئة تنظيم سوق العمل أنها قامت بتكثيف حملات التفتيش بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية، بأكثر من 50% خلال الشهور الثلاثة الأولى من 2023. وشهدت أرقام العمال المهاجرين الذين تم ترحيلهم زيادة بنسبة 500% عنها للفترة نفسها خلال العام الماضي.
في الكويت أيضا، تنظم حملات مكثفة في إطار جهود صاخبة للغاية لتقليل العمال الأجانب، وإضعاف قدرة المهاجرين على الوصول للخدمات العامة والاجتماعية من الرعاية الصحية وحتى الطرق. وفي عمان على سبيل المثال، يتم نشر تقرير اسبوعي في الإعلام المحلي عن العمال المحتجزين بسبب انتهاكهم قوانين الإقامة والعمل. وقد تم ترحيل أكثر من 9,000 عامل مهاجر في الفترة من يناير حتى أبريل 2023، بناء على دعاوى انتهاكات جنائية وإدارية. وبحسب الأنباء، فإن هناك أكثر من 131,000 مهاجر مخالفاً لقوانين الإقامة، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت الحملة في الكويت تستهدف جميع الافراد غير النظاميين.
كذلك تواصل السعودية ترحيل الآلاف العمال المهاجرين بشكل مستمر، وأغلبهم من أثيوبيا، واليمن واريتيريا. وكانت حملة السعودية السابقة قد ركّزت على هذه الجنسيات وانتشرت بشكل قاس. ومنذ بداية هذا العام، احتجزت السعودية بالفعل أكثر من 250,000 عامل غير نظامي، مع توقعات وصول هذه الأرقام إلى 800,000 مع نهاية العامل الجاري. ومن المثير للاستغراب أنه، وفي الوقت نفسه، تواصل السعودية توظيف مئات الآلاف من عمالة المنازل وعمال الوظائف متدنية الأجر، بمن فيهم من الجنسيات التي تتعرض لحملات ترحيل جماعية.
ومن النادر أن يتسنى للعمال المهاجرين، الذين يتم القبض عليهم في هذه الحملات، استئناف دعاوى ترحيلهم، لأنهم لا يخضعون لنظام قضائي. فحوالي 97% من إجمالي 30,000 مهاجر تم ترحيلهم من الكويت خلال العام الماضي، رُحلوا إدارياً. وتعكس هذه الحملات التي تنظم بشكل منتظم، فشل قوانين الهجرة والعمل التي تدفع المهاجرين إلى أوضاع غير نظامية. وكما ذكرت MR في تقارير سابقة حول حملات الاحتجاز والترحيل في الخليج، لابد، أولاً، من أن يُنظر في الأسباب التي تجعل المهاجرين يصبحون غير نظاميين- والتي ترتبط بشكل وثيق بعملية التوظيف المزدوجة، وأوضاع العمل الاستغلالية، وسيطرة أصحاب العمل على عملية تجديد إقامة وتأشيرة العمال. ويكشف تكرار هذه الحملات المصاحب للزيادة الطفيفة في التوظيف عن عشوائية أهداف السياسات الموضوعة من أجل تخفيض أعداد المهاجرين غير النظاميين، وتخفيف اعتماد أسواق العمل في الخليج على المهاجرين، وكلاهما يفاقم الاستغلال الذي يدفع العمال إلى المخالفات ويشجع التوظيف غير المنضبط.