احتجزت السلطات البحرينية، في حادثة وقعت مؤخراً، عاملا هنديا (21 عاماً) بعد أن قام بتحطيم 3 مركبات وإلحاق الضرر بها. وتعود ملكية هذه المركبات إلى شركة إنشاءات يعمل بها هذا العامل. وفي مقطع فيديو انتشر بشكل كبير، شوهد العامل وهو يقول إن الشركة، داون تاون، لم تدفع أجره عن 10 شهور.
وبعد أن قام العامل الغاضب واليائس بتحطيم زجاج وكشافات الإنارة بمركبات الشركة باستخدام قضيب معدني، احتجاجاً على عدم دفع الأجور، سُمع قائلا: «لم أتسلم راتبي ولهذا أفعل ذلك، حتى لو قمتم بفصلي عن العمل، فعلى الأقل ادفعوا لي راتبي وأعيدوني إلى بلدي». وفيما حاول المارة تهدئته، قال إنه لا يكترث لو قامت الشركة باستدعاء الشرطة أو أي مسئولين آخرين وأنه يتصرف بهذا الشكل بسبب الحال الذي وُضع فيه.
وبعد الحادثة، تم احتجاز العامل واستجوابه من قبل النيابة العامة، حيت اتُّهم بالتسبب في «الإضرار المتعمد». ويواجه العامل حاليا محاكمة في المحكمة الجزائية الصغرى، ومن المقرر عقد جلسة الاستماع في 21 أغسطس 2023.
وتعتبر شركة داون تاون للإنشاءات ذ.م.م، التي تأسست في 1978، من شركات المقاولات الرئيسية في البحرين وتعمل ضمن مجموعة داون تاون ذ.م.م. كما أنها من المقاولين الرئيسيين الذين تعينهم الحكومة البحرينية لأعمال الانشاءات المدنية.
وحصلت الشركة خلال العام الماضي على عقود تصل قيمتها إلى 6 مليون دينار (15,920,610 دولار أمريكي) لمشاريع تنفذها لوزارة الأشغال. وتشمل العقود على أعمال تطوير شوارع ومجاري، بالإضافة إلى إنشاء محطة معالجة أولية.
وقال ناشط في البحرين، فضل عدم ذكر اسمه، لـ MR أن الشركة لها سوابق في حالات سرقة الأجور والاستغلال.
وفي الوقت الذي نشرت وزارة الداخلية خبر احتجاز العامل، بشكل علني، فإنها لم تشر إلى أية تحقيقات أجريت مع الشركة بشأن عدم دفع أجر العامل. أما الجهات الإعلامية الرئيسية المحلية، فبالكاد كانت صدى لبيان وزارة الداخلية وفشلت في معالجة قضية الأجور غير المدفوعة.
وتدل أفعال العامل اليائسة على صعوبة الوصول إلى وسائل الانصاف والعدالة في البحرين. وفي حالة سرقة الأجور، يواجه العمال المهاجرون وضعاً من عدم التأكد لفترات طويلة دول الحصول على حل، مما يدفع البعض للقيام بتصرفات يائسة. وهذه الأفعال، مع ذلك، من شأنها أن تنتهي باحتجازهم وترحيلهم لاحقاً قبل السلطات البحرينية.
ويتبنى المسئولون البحرينيون اتخاذ إجراءات صارمة في مواجهة العصيان المدني أو إلحاق الضرر بالممتلكات من قبل العمال المحتجين على سرقة الأجور. وهم غالباً ما يدّعون أن على العمال التحلي بالصبر والثقة في أن الإجراءات الرسمية والمحاكم العمالية سوف تضمن حصولهم على حقوقهم. إلا أن هذه الإجراءات كما يلاحظ في كثير من الأحيان، غالباً ما تكون مضيعة للوقت دون الحصول على نتيجة إيجابية. وتعتبر حالة شركة جي بي زخريادس مثالاً واضحاً على ذلك: فقد عاد العمال الذين تحملوا عبء سنوات من انتظار أجورهم غير المدفوعة، إلى بلدانهم دون الحصول على مستحقاتهم. وعلى عكس ذلك، فإن العمال الذين فقدوا قدرتهم على الصبر وقاموا بالاحتجاج في الشوارع، واعتراض حركة السير في الشوارع السريعة، تم احتجازهم وترحيلهم بسرعة دون الحصول على مستحقاتهم.
وتسلّط هذه الحادثة الضوء على أوجه القصور في الإصلاحات الأخيرة في البحرين التي كانت تهدف إلى معالجة سرقة الأجور، بما في ذلك بدء تطبيق نظام حماية الأجور. وكما تدل هذه الحادثة الأخيرة، فإن النظام لا يفشل فقط في تنبيه السلطات لعدم دوفع الأجور، لكنه، كما ذكر سابقاً لا يحظى سوى بنسبه ضئيلة من امتثال أصحاب العمل.
وفي ضوء ارتفاع عدد حالات عدم دفع الأجور، دعت جمعية حماية العمال الوافدين مؤخراً، إلى إنشاء صندوق على غرار التأمين، لمساعدة العمال المهاجرين الذين يمتنع أصحاب إعمالهم عن دفع أجورهم. وأشارت منى المؤيد، رئيسة مجلس إدارة الجمعية، إلى «ضرورة إيجاد صندوق لحماية العمال في حالة عدم دفع أجورهم، على غرار الحماية التأمينية، وأن يتم تمويل هذا الصندوق من قبل أصحاب العمل في وقت استصدارهم للتصاريح العمالية.»
ومن اللافت أن العديد من المواطنين البحرينيين، عبروا عن تعاطفهم مع العامل من خلال التعليقات في منصات التواصل الاجتماعي. وأشاروا إلى أن المسئول الأول في هذه الحالة هو صاحب العمل الذي فشل في إعطاء العامل أجره المستحق.
وعلق أحد مستخدمي هذه المنصات: «إن رد الفعل هذا عادي، لأن العامل قد حرم من حق من حقوقه الأساسية»
«هل تتوقع منه أن يرقص في الشارع؟ فتصرف العامل هذا هو نتيجة إحساسه بعدم العدالة.»
وكتب معلّق آخر: «يجب على الحكومة ألا تتعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تتأخر في دفع رواتب موظفيها.»
وفي الوقت الذي تتهرب فيه الشركات من المسئولية، تكثف البحرين حملات الاحتجاز والترحيل مستهدفة بها المهاجرين غير النظاميين هذا العام. وبحسب هيئة تنظيم سوق العمل، فإن عدد العمال غير النظاميين الذين تم القبض عليهم خلال حملات التفتيش قد تضاعف أربع مرات، إذ تم ترحيل 2,112 مهاجراً غير نظامي خلال الشهور الستة الأولى من هذا العام. يشار إلى أن الحكومة لا تقوم، دائماً، بفحص حالات المهاجرين غير النظاميين الذين يتم ترحيلهم ضمن هذه الحملات بناء على مؤشرات الاتجار بالبشر.
وتحث MR الحكومة البحرينية على تحميل شركة داون تاون للمقاولات، مسئولية سرقة الأجور ولتسببها في خلق هذا الوضع. بالإضافة إلى ذلك، لابد من التحقيق في مثل هذه الحالات بتهمة العمل القسري، وتتم المحاكمة بموجب قوانين مكافحة الاتجار بالبشر.