أعلنت البحرين عن الغائها، رسمياً، نظام التصريح المرن بعد خمس سنوات من بدء تطبيقه. وتأتي هذه الخطوة بعد أن أصدر ولي العهد ورئيس الوزراء البحريني، في 5 أكتوبر 2022، أمراً لهيئة تنظيم سوق العمل بإلغاء برنامج التصريح المرن إلى جانب عدد من الإصلاحات الأخرى.
ويسمح نظام التصريح المرن الذين أُطلق في 2017، للعمال المهاجرين غير النظاميين بـ «كفالة أنفسهم»، الأمر الذي يعني أنهم لا يعودوا معتمدين على صاحب العمل من أجل إقامتهم. ولسنوات عدة، أشادت منظمات دولية ومسئولون بحرينيون بالنظام واعتبروه من أهم الخطوات التي تم اتخاذها من أجل حماية حقوق العمال في المنطقة. كما كان التصريح المرن من النقاط الرئيسية التي صنّفت الخارجية الأمريكية بسببها البحرين في المرتبة الأولي Tier 1 في تقريرها السنوي الخاص بالاتجار بالأشخاص، الأمر الذي يعني أن الدولة تحقق الامتثال التام بالحد الأدنى من معايير القضاء على أشكال للإتجار القصوى.
إلا أن النظام كان معيباً في جوانب عدة ألقت عليها الضوء Migrant-Rights.org في وقت سابق: التكلفة العالية لاستصدار التصريح، والافتقار للوائح العمالية بالإضافة إلى الشروط الصارمة جعلت منه غير جذاب، أو غير متاحاً للعديد من العمال المهاجرين. ذلك لأن حاملي التصريح المرن لا يغطيهم قانون العمل، وواجهوا العديد من الثغرات في الحماية، ولم يكن التصريح المرن بالضرورة يجعلهم أقل عرضة للاستغلال العمالي من العمال المربوطين بكفلائهم. وقد عانى هؤلاء تحديداً من ضائقة شديدة خلال فترة إغلاقات كوفيد 19، مع شح فرص العمل في السوق واضطرارهم لتغطية نفقات السكن والطعام.
ومن المرجح أن يكون قرار الحكومة بإلغاء نظام التصريح المرن قد اتُخذ مدفوعا بمعارضة بعض المسئولين، وبعض المصالح التجارية بالإضافة إلى انخفاض عدد حاملي التصاريح المرنة.
ومنذ بداية تطبيقه، دعا العديد من نواب البرلمان إلى إلغاء نظام التصريح المرن، زاعمين، كذباً، أنه يشجع على الجريمة، وعلى الهروب، ويعيق من جهود البحرنة. أما غرفة تجارة وصناعة البحرين فقد رحبت، مبدئياً، بالبرنامج لأنه يقلل تكاليف العمالة المهاجرة، ولكنها بعد ذلك عارضته بسبب المنافسة المتصورة بين العمال المهاجرين المستقلين والشركات البحرينية، وكذلك بسبب التخوف من إضعاف سيطرة رب العمل على حركة العامل وقوته التفاوضية.
وأشاد بقرار الإلغاء، وزير العمل جميل حميدان الذي طالما أشاد ومنذ وقت غير بعيد بنظام التصريح المرن، كونه مبادرة مهمة لحماية حقوق العمال المهاجرين، مضيفاً إن هذا القرار تم اتخاذه «بالتشاور مع أصحاب العمل لما فيه الصالح العام وبما يخدم أهداف المسيرة التنموية الشاملة»
وكانت Migrant-Rights.org قد حثت في تقارير سابقة على إصلاح نظام التصريح المرن. ويظهر قرار إلغاء النظام بدلاً عن معالجته وإصلاح أوجه القصور والضعف فيه، كيف أن «الإصلاحات» من الأعلى للأسفل لا تعني كثيراً إن كان الغاؤها ممكن بهذه السهولة. كما يظهر مدى معارضة دول الخليج لفكرة العمالة المهاجرة «المستقلة»
وللاطلاع على المزيد عن التصريح المرن، إقرأ هنا، وهنا، وهنا:
لوائح جديدة يتأثر بها العمال المهاجرين:
بالإضافة إلى الغاء نظام التصريح المرن، ستكون هيئة تنظيم سوق العمل مسئولة عن التالي:
- انشاء مراكز تسجيل عمالية لتسهيل تسجيل العمال.
- ضمان التمثيل في أي نزاع يحدث بين صاحب العمل والعامل (كانت هذه المهمة تقتصر بشكل أساسي على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية)
- تطبيق إجراءات ربط تراخيص العمل المهني بالمعايير والمؤهلات
ولا تتوفر حاليا سوى معلومات قليلة حول مراكز تسجيل العمال، هذا عدا وظائفها الرقابية والتنظيمية. وبحسب الهيئة فإن مراكز التسجيل سوف تحتفظ بقائمة بيانات محدّثة بمعلومات عن العمال، وعناوينهم، ومعلومات عن حساباتهم المصرفية. كما سيضمن المركز أن يكون لدى العمال الشهادات الصحية المطلوبة والمؤهلات المهنية المعتمدة.
وبحسب الرئيسة التنفيذية لهيئة تنظيم سوق العمل نوف جمشير، فإن لن سيسمح للعمال بالعمل في مهن غير محددة (متخصصة)، إلا بتصريح من الهيئات المعنية، ولن يكون بمقدور المهاجرين من حملة التأشيرة الحرة Free visa تحويلها إلى تصريح عمل. ويعتبر هذه التغيير مهم: فأصحاب العمل يستخدمون تأشيرة الزيارة، المتاحة عند الوصول للكثير من الجنسيات، للتحايل على تصاريح ما قبل المغادرة وحظر السفر من بلدان الأصل. وقد تم ربط تأشيرة الزيارة بالاستغلال والاتجار بالبشر (إقرأ قضية لوكونغ باسكالاين كمثال على ذلك)
وبالإضافة إلى ما تقدم، فقد أصدر ولي العهد ورئيس الوزراء البحريني أوامر لهيئة تنظيم سوق العمل بزيادة حملات التفتيش، واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد العمالة غير النظامية وأصحاب العمل، فضلا عن تهيئة «البيئة الملائمة» للعمال، والتي تحترم حقوقهم، و«رفع مستوى فعالية أدوارهم في التنمية الاقتصادية». وصرحت الحكومة أن الإصلاحات الجديدة ستوفر مرونة أكبر للحصول على العمال ودفع أجورهم، دون ذكر أي تفاصيل.
ومنذ اعلان الالغاء، كثفت البحرين حملات التفتيش والترحيل مستهدفة العمال المهاجرين غير النظاميين. وبحسب مصادر فإن الترحيل يتم دون التحقق من ضحايا الاتجار المرتقبين.