لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

مع ازدياد الحالات ورمضان على الأبواب: أوضاع عاملات المنازل السيئة تشكل مصدراً لقلق عاجل

في 22 فبراير 2021

بعد مرور عام على تفشي جائحة كوفيد 19، ومع ارتفاع الحالات في جميع دول المنطقة، تواصل الأوضاع السيئة التي تتعرض لها عاملات المنازل كونها مصدرا حقيقيا للقلق، وهن اللاتي، في ذروة الأزمة، كن الأكثر تهميشاً من بين كل المهاجرين، كما أنهن تحملن أعباء أعمال الرعاية بينما ظللن مهملين إلى حد كبير ومعزولين تماماً. 

وعلى الصعيد العالمي، هناك اعتراف متزايد بأن عمال المنازل خصوصاً النساء، تأثرن بشكل غير متناسب بالأزمة الصحية. وقد ظهر هذا بالفعل في دول الخليج، حيث عاملات المنازل مستثنيات من حماية قوانين العمل، برغم أن عملهم يعتبر الأكثر أهمية. فقد زاد حجم الأعمال التي عليهن تأديتها، وتقلصت قدرتهن على الحركة، فيما كانت العاملات اللاتي ليس لديهن إقامة نظامية هن الأكثر عرضة للتجريم والاستثناء من خدمات الرعاية الصحية. 

ولا يعتبر أي من هذا أمر مفاجئ، أو يحمل معلومات جديدة. ومن المهم أن يتم تقييم الوضع مع اقتراب موعد حلول رمضان لثاني مرة أثناء الجائحة. وحتى مع تقليص الفعاليات الاجتماعية، فإن هذا الشهر يغير أنماط حياة العائلات ويزيد حجم الأعمال الملقاة على عاتق عاملات المنازل بدرجة كبيرة. 

وتؤشر الشهادات والأبحاث السابقة التي أجرتها Migrant-Rights.org من دول المنشأ، إلى أن رمضان والأسابيع التي تسبقه تشهد ما يلي:

  • هناك ارتفاع في الطلب على توظيف عاملات المنازل؛
  • هناك زيادة في حجم العمل، وينجم عن ذلك ارتفاع في عدد الشكاوى التي يتم تقديمها؛
  • زيادة عدد عاملات المنازل اللاتي يتركن أصحاب العمل بسبب عدم قدرتهن على تحمل أعباء العمل، وهن بذلك يخاطرن بإمكانية تعرضهن للتجريم بتهمة "الهروب"؛
  • بسبب عدم وجود طريقة عملية لمتابعة ساعات العمل، لا تتسلم عاملات المنازل أي مقابل للعمل الإضافي حتى في الدول التي لديها تشريعات في هذا المجال؛
  • يقوم أصحاب العمل بإعادة عاملات المنازل إلى مكاتب التوظيف فور انتهاء شهر رمضان، بسبب أن حاجتهم لعاملة مساعدة مقتصرة على شهر رمضان وفترة الأعياد التالية. 

وبالإضافة إلى هذه القضايا، فإن عاملات المنازل تعرضن لضربة مضاعفة، إذا أن الجائحة حصرتهن في منازل أصحاب العمل والتي هي أيضا مكان العمل على مدار الساعة. فالتدريس عبر الانترنت (أونلاين) وأنظمة العمل من المنزل تتواصل إلى درجة كبيرة، ولا مجال أمام عاملات المنازل لتأجيل عملهن. وبالإضافة إلى ذلك، فإن غالبية الأسر لا تطلب خدمات الرعاية الصحية إلا للطوارئ، ما يلقي بعبء الرعاية الصحية والتمريض العادي على العاملة. وتواجه عاملات المنزل غير المقيمات في منازل أصحاب العمل أوضاعا قاسية، إذ لم يكن قادرات على العمل خلال فترة الإغلاق، وكنّ غير قادرات على تغطية تكاليف معيشتهن. وبدلاً من دعم العمال، قامت الحكومات بحملات قمع للعمل المنزلي الذي تقوم به هذه العاملات غير المقيمات. 

ومع استئناف توظيف عاملات المنازل، فإن فجوات الحماية الحالية أصبحت أكبر. ومع ذلك، فإن حكومات الخليج تواصل منح الأولوية لأصحاب العمل وتتجاهل في ذلك عاملات المنازل. وتركزت الجهود على خفض كلفة التوظيف ومعاقبة العاملات "الهاربات". وتركز عناوين الصحف في جميع دول المنطقة على المصاعب التي يواجهها أصحاب العمل غير القادرين على توظيف العاملات بسبب عدم القدرة المالية وارتفاع المصروفات. ويتساءلون " بيوتنا في رمضان.. بلا عمالة منزلية جديدة"، أو " أين حق صاحب العمل؟"

وفي الوقت نفسه، يتم استكشاف مصادر جديدة للعمالة من دول أفريقيا الغربية وحتى من مناطق بعيد مثل دول الكاريبي (أنظر الإطار). وفي الوقت الذي تعتبر فيه أوضاع جميع عاملات المنازل هشة، فإن العاملات اللاتي ينتمين لدول ليس لديها خدمات قنصلية في دول الخليج أو مجتمعات قوية في الشتات، يواجهن أوضاع أكثر هشاشة. وفي مثل هذه الأوضاع، فإن التوجه لمصادر جديدة من الدول البائسة لتلبية احتياجات السوق يعتبر استغلالا متعمداً.

 

وبالإضافة إلى ذلك، فإن معظم دول الخليج حظرت السفر المباشر من دول الأصل الرئيسية (من آسيا)، والسماح بالدخول فقط من خلال "المناطق الآمنة" مثل الرحلات عبر محطات عبور توفّرها الإمارات. وهذا يعني أن تكلفة التوظيف (سواء المدفوع من قبل صاحب العمل أو العامل نفسه) قد تضاعفت أكثر من مرة.  والمناطق الآمنة في دبي ليست سوى دفعة تجارية لإنقاذ قطاع الضيافة المتعثّر فيها، ويتم دعمه من قبل الدول المجاورة على حساب الأفراد. 

ولم تكن أيّ من دول الخليج شفافة بشأن بروتوكول السلامة بالنسبة للقادمين الجدد، خصوصاً عاملات المنازل. ومن المهم أن تكون أية تدابير يتم اتخاذها، إجبارية، قبل أن تبدأ عاملات المنازل مزاولة واجباتهم، ذلك لأنه بمجرد أن يتم توظيفهن يصبح من المستحيل الوصول اليهن بشكل مباشر. ولذلك لابد من يتم الحجر والفحص، والتطعيم، وإصدار البطاقة الصحية وبطاقات الهوية قبل توظيف هؤلاء العاملات وانتقالهن إلى منزل صاحب العمل بمفردهن. وهذا لا يمكن أن يتم إلا بتنسيق أكبر بين دول المقصد ودول المنشأ بالتعاون مع مكاتب التوظيف. 

وحتى في حالة القيام بكل هذه التدابير بشكل فعال، لايزال غريبا أن يتم جلب مجموعة جديدة من العاملات دون حل المشكلات التي تواجهها العاملات الموجودات أصلا في البلد. فهناك عشرات الآلاف من عاملات المنازل غير النظاميات يعملن بشكل مستقل. فعلي دول الخليج أن تمنح أولوية لتعديل أوضاع هذه العاملات والسماح لهن بالحصول على عمل محلياً. كذلك، لا بد من مراجعة أوضاع شركات التنظيف التي توفر خدمات العمل المنزلي والتفتيش على أعمالها للتأكد من أن جميع عمالها لديهم وظائف وأنه يتم دفع رواتبهم كما في التعاقد معهن. 

إن اغتنام مثل هذه الفرصة لتصميم سياسات أفضل لعاملات المنازل من شأنه أن يفيد سوق العمل على المدى الطويل ويحسن التكاليف بالنسبة لصاحب العمل، وفي الوقت نفسه يتم ضمان حماية حقوق عاملات المنازل. إن حملات التوظيف السريع من الخارج سوف تحقق الفائدة فقط قطاع التوظيف مع ما ينجم عنها من أعداد كبيرة من عاملات المنازل اللاتي يوجهن أوضاعاً قاسية. 

ولابد من أن تشتمل الخطوات الفورية التي على دول الخليج اتخاذها لحماية حقوق عاملات المنازل، على التالي:

  • تطوير حملات هادفة لتعريف أصحاب العمل بالتزاماتهم بحسب القوانين ذات العلاقة (بما في ذلك الأجور، ساعات العمل، أوقات الراحة والإجازات والرعاية الصحية)، والأنظمة الخاصة بكوفيد19؛
  • إنشاء خط ساخن لعاملات المنازل بلغات متعددة، على مدار الساعة؛
  • توسعة مآوى عاملات المنازل الحالية أو إنشاء مآوى مؤقتة جديدة لعاملات المنازل اللاتي يواجهن أوضاع قاسية؛
  • مد مظلة أنظمة حماية الأجور، أينما وجدت، لتشمل عاملات المنازل؛
  • التأكد من أن عاملات المنازل قادرات على الوصول إلى التطعيم بدون إذن صاحب العمل، وأن لديهن الحرية لاتخاذ قرار الحصول على التطعيم؛
  • تطوير حملات متعددة اللغات لإعلام عاملات المنازل بحقوقهن ، خصوصاً تلك المتعلقة بكوفيد19؛
  • تعديل أوضاع إقامة عاملات المنازل، والسماح لهن بتغيير وظيفتهن للتحويل إلى أوضاع أفضل بالترتيب للعمل من الخارج.