لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

ثغرات في الإجراءات السعودية الجديدة لتحويل كفالة عاملات المنازل

المشاكل الرئيسية تشمل ارتفاع كلفة التحويل والافتقار لوضوح موافقة عاملات المنازل على الإجراء

في 26 أغسطس 2023

أصبح بإمكان أصحاب العمل في السعودية تحويل كفالة عاملات المنازل عن طريق منصة  «مساند»، وذلك وفق وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية .

يوفر مقطع فيديو إرشادي معروض على منصة تويتر، نظرة عامة على إجراءات التحويل: يُدخل صاحب العمل الحالي معلومات العاملة المنزلية، وكذلك صاحب العمل المرتقب نقلها اليه، وعلى جميع الأطراف - صاحب العمل الحالي، والعاملة المنزلية وصاحب العمل الجديد – الموافقة على التحويل. وبعد موافقة العامل المنزلي على العقد الجديد في «مساند»، تقوم الوزارة بتقييم أهلية صاحب العمل الجديد لتوظيف العاملة المنزلية، قبل الموافقة على إجراء التحويل. 

وبمجرد استكمال الخطوات السابقة، يتم البدء في عملية التحويل، ويدفع صاحب العمل الجديد تكاليف التحويل وأية رسوم أخرى، فيما يقوم بالإضافة إلى ذلك، باستكمال إجراءات الإقامة، مع الأطراف المعنية. ويتم دفع تكاليف التحويل لصاحب العمل السابق. 

في السابق، لم يكن هذا الإجراء يتم إلا حضورياً، بمكاتب وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. ويثير التحول الالكتروني لإتمام الإجراءات، الشك بشأن الموافقة الحقيقية لعمالة المنازل على التحويل. وإذا ما كانت الموافقة الالكترونية هي المتطلب الوحيد، فبإمكان صاحب العمل إجبار العاملة المنزلية على الموافقة أو تزوير موافقتها، خصوصاً مع قيام البعض بالسيطرة على وصول عمالة المنازل لبوابة «مساند»، وكذلك لعدم الزامية تقديم العقود بلغة العمال. 

وبحسب اللوائح التي أعلنتها مساند، فإنه سيتم وضع سقف للحد الأقصى للتكاليف التي سيتحملها أصحاب العمل لتحويل العاملة المنزلية وذلك بناء على جنسية العاملة، كما يلي: 

اثيوبيا: 10,023 ريال سعودي (2,671 دولار أمريكي)

بروندي: 10,457 ريال سعودي (2,786 دولار أمريكي)

سيراليون: 10,488 ريال سعودي (2,795دولار أمريكي)

أوغنده: 12,761 ريال سعودي (3,400 دولار أمريكي)

كينيا: 14,135 ريال سعودي (3,767 دولار أمريكي)

بنغلاديش: 16,188 ريال سعودي (4,314 دولار أمريكي)

سريلانكا: 18,336 ريال سعودي (4,886 دولار أمريكي)

الفلبين: 19,270 ريال سعودي (5,135 دولار أمريكي)

اندونيسيا: 21,535 ريال سعودي (5,739 دولار أمريكي)

ومن اللافت للانتباه، إن تكاليف التحويل هذه أعلى من السقف الحالي للتوظيف المفروض على الوكالات. ومن غير الواضح إن كانت هذه التكاليف شاملة لرسوم الإجراءات الحكومية. 

ويفتقر عدد من إجراءات عملية التحويل للوضوح، مما قد يعرض العمالة لفجوة في الحماية. فعلى سبيل المثال، لا تبين توجيهات الفيديو وإعلانات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ما إذا كان التحويل يتطلب موافقة سفارة العامل، والتي عادة ما تطلب توثيق عقود العمل وتضمينها نصوص معينة، مثل الحد الأدنى للأجر. فالحكومة الفلبينية تفرض راتباً أساسيا قدره 1500 ريال سعودي (400 دولار أمريكي) لعمالة المنازل الفلبينية. بالإضافة إلى ذلك، وحيث أن الإجراءات لا تشمل وكالات التوظيف، فإن جهة التواصل للتعويض غير واضحة. وبحسب المتعارف عليه، فإن دول الأصل تحمّل وكالات التوظيف المسئولية أكثر من أصحاب العمل في حالة إساءة معاملة عاملة المنزل. وفي حين أن دور وكالات التوظيف ليس إيجابياً دائماً، فمن الممكن تحميلهم المسئولية من قبل بلدان الأصل إلى حد ما، الأمر الذي ممكن اعتباره وسية مهمة للتعويض، أخذا في الاعتبار غياب الآلية المحلية المناسبة لمسائله أصحاب العمل. 

وكانت السعودية قد أجرت إصلاحات عديدة في قطاع عمالة المنازل في السنوات الأخيرة. إلا أن أغلبها كان يهدف لتحسين حقوق أصحاب العمل في مقابل وكالات التوظيف، وليس عاملات المنازل. 

وتستطيع عاملات المنازل، على الورق فقط، تغيير أصحاب عملهن في حالة مخالفة أصحاب العمل قانون العمال المنزلية أو أساء معاملتهن. ومع ذلك، وبحسب ما تم توثيقه في تقرير الاتجار بالأشخاص الأمريكي لعام 2023 فإن «لا تستطيع عاملات المنازل ممن يتعرضن لمثل هذه الظروف، تغيير صاحب العمل أو الحصول على تصريح مغادرة.»

كما نشرت Migrant-Rights.org عن عدد من الحالات التي حاولت فيها عاملات المنازل تقديم شكوى بشأن خرق عقد العمل والإساءة، حيث تمت إعادتهن إلى صاحب العمل، أو احتجازهن ثم ترحيلهن في نهاية الأمر، مع عدم مساءلة صاحب العمل في أي من هذه الحالات. وفي سلسلة «قصص من دول الأصل» عن كينيا، تحدثت MR مع عدد من النساء ممن عملن في السعودية كعاملات منازل، بعد أن تم بيعهن لسمسار أو لصاحب عمل آخر. في إحدى الحالات، تتذكر العاملة إنها عندما أرادت ترك مكان العمل الذي تتعرض فيه للإساءة وسوء المعاملة، قام صاحب العمل ببيعها لصاحب عمل آخر: «لن يعيدوك إلى بلدك، بل سيبحثون لك عن صاحب عمل آخر. فصاحب عملي حصل على صاحب عمل آخر واسترد منه مبلغاً من المال. حصلت على معاملة جيدة في المنزل الآخر برغم أنني كنت أعمل لدى عائلة كبيرة. لكن المدام أصبحت حاملاً وساءت الأمور. كان عليّ أن أعمل من 9:00 صباحاً وحتى منتصف الليل». بعد 11 شهر من العمل أرادت المغادرة لكن تم «بيعها» إلى «سمسار».

عادة ما يحول أصحاب العمل كفالة عاملات المنازل ممن لا يحتاجون لخدماتهن، لأصحاب عمل آخرين. ويفرضون رسوما على هذا التحويل ليتمكنوا من تغطية تكاليف التوظيف المبدئية، خصوصا في حالة عدم قدرتهم على «إعادة» العاملة إلى مكتب التوظيف بعد انتهاء فترة الاختبار. ويسهّل هذه العملية وجود عدد كبير من سماسرة عمالة المنازل ممن يمارسون عملهم بشكل مكشوف من خلال منصات التواصل الاجتماعي، وغالبا ما يستخدم هؤلاء لغة التسليع حول «مسوقة خادمات للتنازل». على سبيل المثال، يذكر حساب أحد الوكلاء على تويتر تحديداً، أنهم يقومون بتقاضي عمولة قدرها 500 ريال سعودي من الكفيل والعميل، ويذكرون إنهم لا يتعاملون مع مكاتب التوظيف أو «المسوقين».

في السنوات الأخيرة، وضعت السعودية تحت الأضواء بسبب الأسواق الالكترونية التي تسهّل عملية بيع وشراء عاملات المنازل. وسلّطت Migrant-Rights.org سابقاً، الضوء على كيفية ترويج منصات الكترونية مثل حراج، والسوق المفتوحة، لتحويل أو بيع عاملات المنزل المهاجرات. وفي 2019، أعلنت هيئة حقوق الإنسان السعودية إنها ستراقب المواقع الالكترونية التي تخرق قوانين العمل، وستقاضي الأشخاص المتورطين في «بيع»، أو «تأجير»، أو «مزاد» عاملات المنازل. ونتيجة لذلك، تم تغيير الكثير من مصطلحات التصنيف مثل «بيع» و «مزاد» إلى «تحويل» و «تنازل». ومع ذلك، استمرت الممارسة الأصلية، ضمنياً برغم هذه التعديلات في المصطلحات الدلالية.

بدلاً من ترك عملية نقل الكفالة للسماسرة وحدهم والكفلاء الافراد، يمكن لـ «مساند» تحمل مسئولية الوساطة بين عمالة المنازل وأصحاب العمل المرتقبين. وسوف ينتج عن ذلك تحسناً في اللوائح، وأيضا ضمان موافقة العاملة أو من توكله للإنابة عنها، بشكل أفضل. كما أن بإمكان سوق العمل الافتراضية التي تخطط لها المملكة للعمال تحت قانون العمل، أن تمنح عاملات المنازل وأصحاب العمل بخيارات أكبر.