أطلقت عدد من دول الخليج حملات ترحيل فور استئناف الرحلات الدولية. وبدأت حالات الإصابة بكوفيد 19 في الانخفاض في سبتمبر من العام الماضي. والآن، برغم ارتفاع معدلات الإصابة بالفيروس في جميع دول المنطقة، إلا أن عمليات الترحيل الجماعية ليست مستمرة فحسب، وإنما آخذه في الارتفاع. ويستمر بذلك تعرض آلاف المهاجرين لمخاطر كبيرة في مراكز الترحيل المكتظة وغير الصحية في الغالب.
وأعلنت وزارة الداخلية الكويتية مؤخراً أنها رحّلت 607 من العمال المهاجرين غير النظاميين وذلك خلال 11 يوماً الأولى من العام الجديد. وفي العام 2021، رحّلت الحكومة 18,221 عاملا مهاجرا غير نظامي برغم متطلبات دخول المسافرين الصارمة الخاصة بها.
وفي البحرين، أشرفت هيئة تنظيم سوق العمل بالتعاون مع وزارة الداخلية ومؤسسات حكومية أخرى على حملات اعتقال وترحيل متواصلة منذ سبتمبر العام الماضي. وأعلنت الحكومة أنها تقوم بعملية تفتيش أسبوعية في جميع مناطق البلاد. وحثت الجمهور على إبلاغ السلطات عن المهاجرين غير القانونيين. وليس من الواضح عدد العمال الذين تم ترحيلهم منذ بدء المداهمات، إلا أن الرئيس التنفيذي للهيئة، جمال العلوي، صرح أمس بأن "تم اعتقال مئات المخالفين منذ 2021".
كذلك شدد الرئيس التنفيذي على أن الهيئة ليست "متساهلة" في إنفاذ القانون، مضيفاً أن هؤلاء الذين تم القبض عليهم لن يسمح لهم بالحصول على تصريح عمل جديد وسيتم ترحيلهم و"منعهم من العودة للمملكة". ويوضح هذا التصريح تحولاً في الخطاب والسياسة في البحرين – في السابق كان السلطات تعطي الخيار للمقبوض عليهم من العمال المهاجرين غير القانونيين، لتعديل أوضاعهم من خلال برنامج التصريح المرن.
وكما كتبت MR في تقارير سابقة، فإن السعودية قامت بترحيل عشرات الآلاف من العمال المهاجرين منذ بداية تفشي كوفيد 19. وكان من بين هؤلاء الذين تم ترحيلهم آلاف من المنتمين لعرق التيغراي، ممن تعرضوا لمعاملة سيئة من قبل السلطات الأثيوبية عند عودتهم إلى أثيوبيا. كما كثّفت السعودية مؤخراً حملات الترحيل: وصرحت وزارة الداخلية أنها قبصت على نحو 13,780 مهاجر غير قانوني في جميع مناطق البلاد خلال الفترة من 13 يناير 2022 وحتى 19 يناير 2022. كذلك صرحت الوزارة أن هناك، حالياً، أكثر من 95,650 معتقلا من المهاجرين غير القانونيين بانتظار الترحيل. وتُعرف مراكز التوقيف السعودية بالاكتظاظ وتعرض أوضاعها المزرية الموقوفين لمخاطر صحية كبيرة حتى خارج ظروف الجائحة.
كما قامت الأمارات بترحيل الآلاف من العمال المهاجرين غير النظاميين خلال الشهور الأخيرة. والكثير ممن تم ترحيلهم هم من الأفريقيين بإقامات سارية الصلاحية، وتم تصنيفهم واحتجازهم بشكل تعسفي على أساس عنصري دون سبب معقول. ولم تتم مراجعة أي قضية من قضايا العمال بشكل فردي، ما يعني أن البعض أجبروا على العودة برغم العنف المؤكد الذي يهددهم في أوطانهم. ولم يصف المحتجزون أوضاع السجن السيئة فحسب، وإنما زعموا أيضا أن السلطات زوّرت اختبارات كوفيد 19 السلبية لتسهيل ترحيلهم. ونظراً لأن العديد منهم كانوا على رأس العمل ويعملون بشكل قانوني، فقد ابلغ كثيرين عن عدم دفع أجورهم وكذلك ومدخراتهم.
وفي عمان، كانت عمليات الترحيل تتم أسبوعيا حتى خلال برامج فترة السماح (العفو) التي استمرت من أكتوبر 2020 حتى ديسمبر 2021. وفي الوقت الذي وفرت فترة السماح لعشرات الآلاف من العمال المهاجرين فرصة العودة إلى أوطانهم، إلا أنها كانت بعيدة المنال لكثيرين أيضا بسبب افتقارهم للمال لشراء تذاكر السفر، والقدرة على استكمال الإجراءات، بما في ذلك استصدار جوازات سفر جديدة لاستخدامها بدلا عن تلك التي تمت مصادرتها من قبل أصحاب العمل. كذلك، لم تتضمن إجراءات الاستفادة من فترة السماح أي آلية لمعالجة ظاهرة سرقة الأجور المتفشية وشكاوى الاتجار، الأمر الذي أدى إلى مغادرة الكثيرين دون حصولهم على مستحقاتهم.
أما في قطر، فيتم حاليا تطبيق برنامج فترة سماح لتصحيح الأوضاع القانونية لمن تجاوزا مدة الإقامة القانونية. وكانت فترة البرنامج الأصلية من سبتمبر حتى ديسمبر، لكن تم تمديدها حتى 31 مارس 2022. وبموجبه يمكن للعمال تعديل وضعهم القانوني أو مغادرة البلد. وصرحت وزارة العمل أنه سيتم تمديد فترة الاستفادة من خصم مقداره 50% ليستفيد منه المخالفون لقانون الإقامة. ومع ذلك، لاتزال بعض تفاصيل إجراءات فترة السماح غير واضحة – على سبيل المثال، ليس من الواضح إن كان بإمكان عاملات المنازل الاستفادة من إمكانية تصحيح أوضاعهم القانونية، أو أنه بإمكانهم المغادرة دون دفع غرامة والعودة إلى أوطانهم.
تدعو الجهات المختصة بــ #وزارة_الداخلية المخالفين لقانون الإقامة (المنشآت) إلى الاستفادة من تخفيض مبالغ الصلح بنسبة (50%) ضمن مهلة تصحيح أوضاع المخالفين التي تنتهي في 31 مارس2022م . #الداخلية_قطر
إن غالبية العمال المهاجرين في الخليج يتحولون إلى عمال غير نظاميين دون ذنب من جانبهم. فنظام الكفالة في الخليج يربط إقامة العمال المهاجرين بصاحب العمل، ولذلك، ففي اللحظة التي يغادرون أو يفقدون وظائفهم – بسبب سرقة الأجر أو الإساءة أو أي سبب آخر – يصبح وضعهم غير قانوني. كما أن العمال المحتجزين، غالبا، ليس لديهم خيار للمراجعة الفردية لأوضاعهم، مما يعني أنهم لا يُحرمون فرصة الدفاع عن قضيتهم فحسب، بل أنهم يخسرون أية أجور مستحقة لهم. ومن الممكن أن يُحتجز المهاجرون إلى مالانهاية حتى يتوفر المال لشراء تذاكر العودة.
واعترف بذلك مدير الاتصالات بهيئة تنظيم سوق العمل في البحرين، وحيد البلوشي، حين ذكر في 2010 "إننا نستخدم حاليا مصطلح العامل غير النظامي بدلا عن العامل غير القانوني لأن ذلك يوصمهم بالإجرام... فليس كل هؤلاء العمل متعمدين الوضع غير القانوني، إذ قد يعود السبب إلى أن صاحب العمل لم يجدد تأشيرة الإقامة. ومع ذلك تواصل الهيئة استخدام مصطلح "غير قانوني" وتقوم بترحيل العمال المهاجرين غير النظاميين.
ويتم تطبيق فترات السماح في دول المنطقة في أعقاب التعرض لأزمة. ونظام الهجرة في الخليج موجود تحديداً "للتخلص من القوى العاملة بسهولة عندما تنتفي الحاجة لوجودهم." أي، عملياً، نقل الأزمات الصحية والاقتصادية إلى الدول المرسلة ا لأكثر فقراً.
وتحث منظمة Migrant-Rights دول الخليج لوقف حملات الترحيل فورا، والسماح للعمال المهاجرين بتعديل أوضاعهم القانونية. وقد أصبحت الحالة أكثر الحاحاً مع الارتفاع الحاد في حالات الإصابة بكوفيد 19 في الأسابيع الأخيرة.
صورة المقالة من هيئة تنظيم سوق العمل.