حملة
العمل ضد سرقة الأجور وضمان عدم حرمان العمال من مستحقاتهم
على مدى عقود، حُرم ملايين العمال المهاجرين من كل أو جزء من أجورهم ولم يجدوا سوى القليل من الوسائل لإنصافهم قانونياً. وسلّطت جائحة كوفيد 19 الضوء على هذه المشكلة بشكل صارخ، مع فقدان مئات الآلاف من العمال المهاجرين لوظائفهم. وأنهيت خدمات الكثيرين بشكل غير عادل وحرموا من مستحقاتهم من الأجور والمزايا. فيما بقي البعض عالقين بدون دخل لشهور عدة قبل أن يتمكنوا من العودة إلى أوطانهم وهم في حالة مزرية. أما هؤلاء الذين لديهم ديون توظيف دُفعوا إلى المزيد من عبودية الدين، وخسروا حياتهم كما خسروا سبل العيش في أوطانهم بسبب الحرمان من الدخل.
وعند التفكير في الحلول طويلة الأمد لسرقة الأجور، كان لابد من إدراك أن المشكلة كانت سابقة للجائحة التي فاقمت بدورها الانتهاكات وبررت بشكل مخادع الممارسات غير الأخلاقية التي كان يتم ارتكابها. وإلى جانب الإصلاحات الهيكلية لممارسات الهجرة العمالية، يجب على الدول الالتزام بتحميل أصحاب العمل المخطئين المسئولية.
نظرة عامة
تعتبر سرقة الأجور الأكثر شيوعاً من بين انتهاكات حقوق الإنسان التي يتيحها نظام الكفالة. فالعمال الذين يودون التقدم بشكوى والبحث عن وظائف بديلة، يواجهون عقبات، جزئياً، بسبب عدم وجود نظام داعم لمساعدتهم للتحرك في غضون ذلك. أما الذين يُجبرون على العودة دون تقديم شكوى، فهم الأكثر عرضة لخسارة مطالباتهم والوقوع ضحايا لسرقة الأجور. كما يتعرض البعض للاحتيال أو يُجبرون من قبل أصحاب العمل للتوقيع على وثائق تضيّع حقوقهم في مقابل استعادة جوازات سفرهم وتذاكر السفر. وحتى أولئك العمال الذين لا يوقعون على التنازل عن حقوقهم يواجهون معركة مستحيلة في متابعة قضاياهم من الخارج بسبب عدم وجود آلية انتصاف عبر الحدود. يوضح الشكل البياني أدناه دورة سرقة الأجور في دول الخليج:
وتعتبر عاملات المنازل، خصوصاً المهاجرات، هن الأكثر عرضة لسرقة الأجور وليس لديهن سوى مصادر قليلة، إن وجدت أصلاً، للتقدم بالشكوى. وحتى في الدول التي يوجد لديها قوانين لعمالة المنازل، فإن الحماية قليلة ولا تتضمن تطبيق آليات مثل التفتيش العمالي ونظام حماية الأجور. وفي المتوسط، فإن عاملات المنازل المقيمات يعملن لمدة تزيد عن 70 ساعة أسبوعيا، ومن النادر أن يتم تعويضهن عن ساعات العمل الإضافية، كم أنه لا توجد شفافية في حساب ساعات العمل الإضافية تلك. وبرغم أن جميع دول الخليج – باستثناء عمان تنص قوانينها على مكافأة نهاية المدة لعاملات المنازل، إلا أن غالبية العاملات يعدن بعد انتهاء فترة عملهن بدون الحصول على مستحقاتهن.
وبشكل مماثل، فإن جميع دول الخليج لديها قوانين لحماية العمال من الفصل التعسفي. ويحق العمال الذين يفصلون من أعمالهم ظلماً المطالبة بتعويض، لكن، بسبب نقص المعرفة بالقانون، ولصعوبة الوصول للعدالة، فإن الكثير من العمال لا يتقدمون بدعوى تعويض ضد صاحب العمل.
أدت جائحة كوفيد 19 إلى المزيد من العقبات في سبيل العدالة وكذلك إلى فرصاً أكثر لسرقة الأجور: فأصحاب الأعمال استغلوا فرصة الاضطرابات لفصل العمال تعسفياً، وترحيلهم دون تسليمهم مستحقاتهم كاملة، أو التراجع عن التزاماتهم، حتى وإن تسلّمت شركاتهم مزايا إغاثية بأشكال متعددة من حكومات دول الخليج. وليس لدى من غادر قبل الأوان أو ظل عالقاً في الخليج أية وسائل للوصول إلى آليات المطالبة بمستحقاتهم. وبالنسبة لعاملات المنازل، فإن الجائحة أدت إلى مزيد من التقييد لحرياتهن وبالتالي الوصول إلى وسائل الانتصاف. وفي أثناء تقييد حركة السفر، أُجبرت الكثيرات من عاملات المنازل على البقاء في بيوت أصحاب العمل، حتى بعد انتهاء فترة تعاقدهم، والعمل بأجور قليلة أو بدون أجر.
ضعف آليات العدالة
يعتبر الوصول إلى العدالة في جميع دول الخليج ضعيفا حتى في أفضل الظروف. فهو مكلفا، وصعبا وسلبيا وفي الغالب لا يستحق ما يتم الحصول عليه فيما بعد. ويتسبب نظام الشكاوى في إِثناء المهاجرات عن معالجة شكاواهن. وبرغم أن تبنى الآلية الجديدة، مثل المحاكم الافتراضية والمحاكم ذات المسار السريع في بعض دول الخليج إلا أن الوصول إلى العدالة والإنفاذ لا يزالان يعتبران مشاكل رئيسية.
وأدت الجائحة إلى تفاقم وضع النظام المتعثر أصلاً بطرق مختلفة: زاد تأخير المحاكم للشكاوى الجارية، الأمر الذي يعني فعليا، المزيد من التكاليف على العامل. ومع تحول المصادر والإجراءات إلى الأسلوب الالكتروني (أونلاين)، أصبح الوصول إلى النظام يشكل تعقيدا أكبر للمهاجرين. وفي الوقت الذي رفعت السفارات والمجموعات المجتمعية مقدار الإغاثة والإعادة للوطن للعمال المنكوبين، إلا أن هناك مصادر أقل للعمال المهاجرين الذين لديهم شكاوى للاعتماد عليها.
أحد أهم سبل الانتصاف العاجلة التي دعت إليها الجمعيات الأهلية منذ تفشي الجائحة، هو إنشاء آلية للعدالة عبر الحدود من أجل العمال العائدين.
تعتبر إصلاحات أنظمة الشكاوى وآليات العدالة وسياسات العمل أمور مهمة لمعالجة هذه القضايا خارج نطاق الجائحة. التدابير الرئيسية مذكورة في دراسات الحالات التالية.
السعودية
كانت المرة الأخيرة التي تسلّم فيها موظفو شركة ألومكو بالدوام الكلي رواتبهم، في أبريل 2019. وأمضى غالبيتهم الشهور الماضية في القيام بحملات للحصول على مستحقاتهم.
كسب الدكتور المصري سعيد، قضيته في المحكمة العمالية في 2 مارس 2020. إلا أن كفيله استأنف الحكم، وبعد ذلك مباشرة أوقفت السعودية أغلب العمل الحكومي بسبب كوفيد 19، بما في ذلك مكتب العمل والمحاكم. وتم تعليق النزاعات العمالية القائمة، مثل حالة سعيد. وكان رفع دعاوى جديدة بشكل شخصي خارج السؤال، بينما، وبحسب العديد من العمال، كانت البوابة الإلكترونية معطلة بشكل متكرر خلال فترة الجائحة. وحتى 20 أغسطس 2020، لم تحدد محكمة الاستئناف تاريخاً لقضيته.
الإمارات
في مايو، احتج حوالي 500 عامل شركة هرتل-اي ام بي بالإمارات بسبب عدم تسلّم رواتبهم. و هرتل-اي ام بي هي شركة إماراتية تابعة لشركة الطراد المتعددة الجنسيات.
يعاني المئات من عمال شركة شوبا للهندسة والمقاولات ممن لم يتسلموا مستحقاتهم لعدة شهور، من أجل البقاء في الإمارات.
البحرين
يعاني 150 عامل تابعون لشركة أورلاندو للمقاولات ذ.م.م.، وهم من ضحايا سرقة الأجور من الإصابة بكوفيد 19.
اقرأ المزيد
دُفع عدة مئات من عمال فوندامنت إس بي سي ممن لهم مستحقات من الرواتب عن 8 شهور بالإضافة إلى التسويات النهائية، إلى حافة اليأس والمعاناة من أجل البقاء في البحرين.
قطر
يواصل نحو 550 موظف من شركة الامبراطورية للتجارة والمقاولات (ITCC)، وهي شركة كانت ناجحة في فترة سابقة، بسبب عدم تسلمهم أجورهم لأكثر من 11 شهر، مما دفعهم وعائلاتهم في أوطانهم إلى فقر مدقع.
« أنا أتضور جوعاً لأنني لا أملك المال لشاء الطعام. وأتساءل كيف سأسدد ديوني إذا لم أتسلم راتبي (من خلال الإجراءات القانونية)؟ أحياناً أفكّر أن الانتحار هو خياري الوحيد.»
وفقاً لتقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، فإن عدد من العاملين في مشروع كأس العالم في قطر، لم يتسلموا أجورهم لعدة شهور. وبدأ تأخير دفع الأجور منذ بداية 2019، فيما لم يتسلم البعض أجرهم نهائيا في الفترة من سبتمبر 2019 ومارس 2020.
مالذي يتوجب عمله؟
توصياتنا إلى دول المقصد
تحسين خدمات توصيل المعلومات للعمال المهاجرين من أجل رفع مستوى الوعي حول حقوقهم ومستحقاتهم.
تضمين عمال المنازل في نظام حماية الأجور لمراقبة أفضل لعمليات دفع أجورهم.
يجب على مفتشي العمل التأكد من أن بطاقات الأجور في حوزة العمال وليس مع الشركة، كما هو الوضع غالباً.
التأكد من أن مدفوعات نهاية المدة غير قابلة للتلاعب، وأنها تتم إما بواسطة شيك قابل للصرف نقداً أو لحساب إيداع أجر العامل.
إنشاء صندوق الطوارئ لدفع مستحقات العمال، ومن الممكن استعادة ذلك في وقت لاحق من صاحب العمل من قبل الحكومة.
إنشاء إجراءات الكترونية (أونلاين) للشكاوى، ومحاكم متنقلة، ونظام تحكيم سريع والسماح بتقديم الدعاوى الجماعية.
تحميل أصحاب العمل المسئولية من خلال إجراءات إدارية ومدنية وجنائية. والتأكد من تنفيذ الأحكام الصادرة ضد أصحاب العمل بدون أية تكاليف أو أعباء مالية إضافية على العمال المهاجرين.
تطبيق العقوبات بشكل صارم بحيث لا يتسلم ضحايا سرقة الأجور، فقط أجورهم المستحقة، وإنما أيضاً التعويضات عن المصاعب التي واجهوها.
دعم العمال بإعطاء توكيل لمحامين قبل مغادرتهم البلد ليتسنى متابعة مستحقاتهم القانونية في غيابهم.
إنشاء إدارة في سفارات دول الخليج لدى دول الأصل للتعامل مع حالات سرقة الأجور للعمال العائدين.
إنشاء بعثات فرعية على المستوى الوطني للنظر في الحاجة لإصلاح نظام العدالة.
إيلاء اهتمام خاص لعاملات المنازل المهاجرات في جميع هذه الجهود.